فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين) * (1)، وفي سورة التحريم:
* (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا...) * (2) الخ، ونصوص هذه الآيات لم تشتمل إلا على شئ واحد، اختصت به من بين سائر النساء، وهو ولادة المسيح العجيبة منها من غير ملامسة ذكر، فإذا لا وجه لاصطفائها وتقديمها على نساء العالمين إلا هذا الوجه.
وأما غير ذلك مما اشتملت عليه الآيات، كالتطهير والتصديق بكلمات الله وكتبه، وكلام الملائكة معها والقنوت وغير ذلك، فلا يختص فيها، بل يوجد عند غيرها كما يوجد عندها.
وكذلك نداء الملائكة، وأمرهم لها بالقنوت والسجود والركوع، إنما هو أمر لها بالشكر وتعليم لها إياه، وتوجيه كيف تكون العبادة.
فمريم مصطفاة على نساء العالمين لأمر خاص، وهذا الأمر الخاص إنما كان لإزالة شبهة كانت في عصر مريم (عليها السلام) وهو رد دعوى الماديين بقدم العالم، وإنكارهم بدء الخليقة.
وإن لفاطمة (عليها السلام) من الفضل عليها استعانة النبي (صلى الله عليه وآله) بها لدفع الشبهة الحاصلة، من جراء ولادتها للمسيح، وقولهم إنه ابن الله، فقد جعلوها زوجة لله، تعالى الله عن ذلك، ومريم اتهمت بالسوء، فوجب حينئذ ذكر اسمها، والشهادة لها بالبراءة والطهارة والعصمة، ولولا شهادة القرآن لها بذلك لما استطاع أحد إثبات براءتها وطهارة نفسها.
قال: إني مقتنع بهذا الذي ذكرت، ولكن هل من دليل غير هذا يكون