كالشاهد له.
قلت: إن في قوله عز وجل: * (الله أعلم حيث يجعل رسالته) * (1)، ما يعطي أن الله عز وجل لا يختار لرسالته إلا من علم منه الإخلاص له والاجتهاد في مرضاته، وعدم الهم بمعصيته كما ورد في بعض الأخبار أنه أوحى إلى موسى (عليه السلام):
يا موسى أتدري لماذا اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي؟ فقال: لا يا رب، فقال: إني نظرت في قلوب عبادي فلم أجد أحدا أذل إلي نفسا منك (2)، وعلى هذا فالأنبياء هم أفضل الخلق وأشرفهم، وكل نبي فلا بد أن يكون أشرف أهل زمانه، فهو سيد أهل زمانه، وحيث إن محمدا (صلى الله عليه وآله) هو سيد النبيين، فذريته أشرف من ذراري الأنبياء السابقين، وأمته من الأمم الماضين.
وإن الله عز وجل اختار مريم ليجعلها وابنها آية، وإن الذي حصلت لتصديقه الآية أو حصلت على يده الآية، لهو أفضل من الآية، فإن كانت المعجزات آيات، فأصحاب المعجزات آيات أعظم من الآيات، وإذا كان محمد (صلى الله عليه وآله) أشرف من أولي العزم، ومنهم عيسى (عليه السلام) ففاطمة (عليها السلام) أشرف من جميع نساء الأمم، ومنهم مريم (عليها السلام)، ومريم شرفت بعيسى، ففاطمة محاطة بالشرف من جميع نواحيها، أبوها النبي الأعظم، وأمها ساعدت ذلك النبي الأكبر، والإسلام لم يقم إلا بمال خديجة (عليها السلام) وسيف علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وبعلها سيد الوصيين، وولداها سيدا شباب أهل الجنة، وهي سيدة نساء العالمين، وأم الأئمة الميامين.
إن في قوله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت