أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أيها العالم، أخبرني أي الأعمال أفضل عند الله؟ قال: " ما لا يقبل الله شيئا إلا به "، قلت: وما هو؟ قال:
" الإيمان بالله الذي لا إله إلا هو أعلى الأعمال درجة، وأشرفها منزلة، وأسناها حظا "، قال: قلت: ألا تخبرني عن الإيمان، أقول هو وعمل أم قول بلا عمل؟ فقال:
" الإيمان عمل كله، والقول بعض ذلك العمل، بفرض من الله بين في كتابه، واضح نوره، ثابتة حجته، يشهد له به الكتاب ويدعوه إليه "، قال: قلت: صفه لي جعلت فداك حتى أفهمه، قال: " الإيمان حالات ودرجات وطبقات ومنازل، فمنه التام المنتهى تمامه، ومنه الناقص البين نقصانه، ومنه الراجح الزائد رجحانه "، قلت: إن الإيمان ليتم وينقص ويزيد؟ قال: " نعم "، قلت: كيف ذلك؟ قال: " لأن الله تبارك وتعالى فرض الإيمان على جوارح ابن آدم، وقسمه عليها، وفرقه فيها، فليس من جوارحه جارحة إلا وقد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها، فمنها قلبه الذي به يعقل ويفقه ويفهم، وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره، ومنها عيناه اللتان يبصر بهما، وأذناه اللتان يسمع بهما، ويداه اللتان يبطش بهما، ورجلاه اللتان يمشي بهما، وفرجه الذي الباه من قبله، ولسانه الذي ينطق به، ورأسه الذي فيه وجهه، فليس من هذه جارحة إلا وقد وكلت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها بفرض من الله تبارك اسمه، ينطق به الكتاب لها ويشهد به عليها، ففرض على القلب غير ما فرض على السمع، وفرض على السمع غير ما فرض على العينين، وفرض على العينين غير ما فرض على اللسان، وفرض على اللسان غير ما فرض على اليدين، وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين، وفرض على الرجلين غير ما فرض على الفرج، وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه، فأما ما فرض على القلب من الإيمان: فالإقرار والمعرفة والعقد والرضا والتسليم بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلها واحدا، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وأن محمدا عبده ورسوله (صلى الله عليه وآله)، والإقرار بما جاء من عند الله من