وقد صدع الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله بجوازه مطلقا غير أن التفريق أفضل، وتبعهم في هذا شيعتهم في كل عصر ومصر، فإذا هم يجمعون غالبا بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء سفرا وحضرا لعذر أو لغير عذر، وجمع التقديم وجمع التأخير عندهم في الجواز سواء.
أما الحنفية فمنعوا الجمع فيما عدا جمعي عرفة والمزدلفة بقول مطلق مع توفر الصحاح الصريحة بجواز الجمع ولا سيما في السفر، لكنهم تأولوها على صراحتها فحملوها على الجمع الصوري. وسيتضح لك بطلان ذلك قريبا إن شاء الله تعالى.
وأما الشافعية والمالكية والحنبلية فأجازوه في السفر على خلاف بينهم فيما عداه من الأعذار كالمطر والطين والمرض والخوف، وعلى تنازع في شروط السفر المبيح له (1).
حجتنا التي نتعبد فيما بيننا وبين الله سبحانه في هذه المسألة وفي غيرها إنما هي صحاحنا عن أئمتنا عليهم السلام، وقد نحتج على الجمهور بصحاحهم لظهورها فيما نقول وحسبنا منها ما قد أخرجه الشيخان في صحيحيهما، وإليك ما أخرجه مسلم في باب الجمع بين الصلاتين في الحضر من صحيحه إذ قال:
حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن أبي الزبير عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله