أخواتها فقدت معناها مطلقا. فأما إذا درسناها في ضوء الحقائق الكثيرة مما علمناه مباشرة أو بلا مباشرة، فإننا سندرك حقيقتها.
ثم يأتي ماندير بمثال على ذلك فيقول:
(إننا نرى أن الطير عندما يموت يقع على الأرض، ونعرف أن رفع الحجر على الظهر أصعب ويتطلب جهدا، ونلاحظ أن القمر يدور في الفلك، ونعلم أن الصعود في الجبل أشق من النزول منه. ونلاحظ حقائق كثيرة كل يوم لا علاقة لإحداها بالأخرى ظاهرا. ثم نتعرف على حقيقة استنباطية، هي قانون الجاذبية، وهنا ترتبط جميع هذه الحقائق، فنعرف للمرة الأولى أنها كلها مرتبطة إحداها بالأخرى ارتباطا كاملا داخل النظام. وكذلك الحال لو طالعنا الوقائع المحسوسة مجردة فلن نجد بينها أي ترتيب، فهي متفرقة وغير مترابطة، ولكن حين نربط الوقائع المحسوسة بالحقائق الاستنباطية، فستخرج صورة منظمة للحقائق.
إن قانون الجاذبية لا يمكن ملاحظته قطعا، وكل ما شاهده العلماء لا يمثل في ذاته قانون الجاذبية، وإنما هي أشياء أخرى اضطروا لأجلها منطقيا أن يؤمنوا بوجود هذا القانون. واليوم يلقى هذا القانون قبولا علميا عظيما وهو الذي كشف عنه نيوتن لأول مرة، ولكن ما حقيقة هذا القانون من الناحية التجريبية؟
ها هو ذا نيوتن يتحدث في خطاب أرسله إلى (بنتلي) فيقول: (إنه لأمر غير مفهوم أن نجد مادة لا حياة فيها ولا إحساس وهي تؤثر على مادة أخرى، مع أنه لا توجد أية علاقة بينهما)! (A. E. Mander، Clearer Thinking، London، p. 46 الإسلام يتحدى ص 48).
إن أمثال غربي لا يتعبون أنفسهم بالتفكير في هذه الحقائق، وإن وصلوا إلى شئ منها بادروا إلى رفضه بتقزز! لأنه سيجبرهم على الاعتراف بوجود الله تعالى وأنهم صنيعته وعبيده، وهم يريدون أن يكونوا آلهة فوق الناس!
وكل هذا في أصل العملية العقلية، أما في مجالات العلوم الطبيعية المختلفة،