ولكن هذا التصور مخالف لظاهر الروايات لأن كيفية الجمع بين الصلاتين - كما أسلفنا - هي على غرار ما يفعله المسلمون جميعا في عرفة والمزدلفة، يعني أنهم في عرفة يأتون بكلتا الصلاتين (الظهر والعصر) في وقت الظهر، وفي المزدلفة يأتون بكلتا الصلاتين (المغرب والعشاء) في وقت العشاء.
وعلى هذا الأساس يجب أن يكون الجمع بين الصلاتين الذي جاء في لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ناظرا إلى هذا النمط من الجمع، وليس الجمع الذي يؤتى فيه بإحدى الصلاتين في آخر وقته، وبالأخرى في أول وقتها.
هذا مضافا إلى أن حكمة الجمع بين الصلاتين وصفت في بعض الروايات بأنها التوسعة والتخفيف وفي بعض الروايات وصفت بأنها لرفع الحرج، وهذا إنما يتحقق إذا كان المصلي في الجمع بين الصلاتين على خيار كامل يعني أن يجوز له أن يأتي بالظهر والعصر، والمغرب والعشاء متى شاء.
هذا مضافا إلى أنه على أساس هذا التفسير للمقصود يجب أن يقال إن النبي لم يأت بشئ جديد، لأن مثل هذا الجمع كان جائزا حتى قبل أن يفعله النبي، فإن أي مسلم كان يجوز له أن يؤخر صلاة الظهر إلى آخر الوقت، ويأتي بالعصر كذلك في أول وقته.
ولقد كتب فقهاء الشيعة الإمامية حول الجمع بين الصلاتين وأدلته رسائل مفصلة يمكن لمن يحب التوسع مراجعتها.