الأصل الثاني والثلاثون: التوحيد في الحاكمية والتقنين بعد أن ثبت - في الأصل السابق - أن للكون مدبرا حقيقيا واحدا هو الله تعالى وأن تدبير العالم وحياة الإنسان بيده دون سواه، كان تدبير أمر الإنسان في صعيد الشريعة - سواء في مجال الحكومة أو التقنين أو الطاعة أو الشفاعة أو المغفرة - برمته بيده تعالى، ومن شؤونه الخاصة به، فلا يحق لأحد أن يتصرف في هذه المجالات والأصعدة من دون إذن الله تعالى، ولهذا يعتبر التوحيد في الحاكمية، والتوحيد في التشريع، والتوحيد في الطاعة، والتوحيد في الشفاعة والمغفرة.. من فروع التوحيد في التدبير وشقوقه ولوازمه.
فإذا كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حاكما على المسلمين فإن هذا نابع من اختيار الله تعالى إياه لهذا المنصب.
وانطلاقا من هذه العلة ذاتها تجب إطاعته (صلى الله عليه وآله وسلم) بل إن إطاعته نفس إطاعة الله، قال تعالى:
* (من يطع الرسول فقد أطاع الله) * (1).
وقال أيضا: * (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله) * (2).
فلو لم يكن الإذن الإلهي ما كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حاكما ولا مطاعا.