الأصل الرابع والثمانون: الإمامة مسألة إلهية إن مسألة " الإمامة " - كما سنثبت ذلك من خلال الأصول القادمة - كانت مسألة إلهية، وسماوية، ولهذا كان من اللازم أن يتم تعيين خليفة النبي كذلك عبر الوحي الإلهي إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويقوم النبي بإبلاغه إلى الناس.
وقبل أن نعمد إلى استعراض وبيان الأدلة النقلية والشرعية في هذا المجال، نستعرض حكم العقل في هذه الحالة، آخذين بنظر الاعتبار ظروف تلك الفترة (أي فترة ما قبل وما بعد رحيل النبي)، وملابساتها.
إن العقل البديهي يحكم بأن أي إنسان مصلح إذا استطاع من خلال جهود مضنية دامت سنوات عديدة، من تنفيذ أطروحة اجتماعية خاصة له، وابتكر طريقة جديدة للمجتمع البشري فإنه لا بد من أن يفكر في وسيلة مؤثرة للإبقاء على تلك الأطروحة، وضمان استمرارها، بل رشدها، ونموها أيضا، وليس من الحكمة أن يؤسس شخص ما بناء عظيما، متحملا في ذلك السبيل متاعب كثيرة، ولكن لا يفكر فيما يقيه من الأخطار، ولا ينصب أحدا لصيانته والعناية به، من بعده.
إن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو من أكبر الشخصيات العالمية في تاريخ البشرية، قد أوجد - بما أتى من شريعة - أرضية مساعدة لتحول إلهي عالمي كبير، ومهد لقيام حضارة جد حديثة، وفريدة.
إن هذه الشخصية العظيمة، التي طرحت على البشرية شريعة