الأصل الثالث والخمسون: لا تنافي بين علم الله الأزلي وحرية الإنسان نحن مع اعتقادنا باختيار الإنسان، وحرية إرادته، نعتقد أن الله كان عالما بفعلنا من الأول، ولا منافاة بين العقيدتين، فإن على الذين لا يمكنهم الجمع بين هذين الاعتقادين أن يعلموا بأن علم الله الأزلي تعلق بصدور الفعل من الإنسان على نحو الاختيار، ومن الطبيعي أن لا يتنافى مثل هذا العلم مع حرية الإنسان وكونه مختارا.
وبعبارة أخرى، إن العلم الإلهي كما تعلق بأصل صدور الفعل من الإنسان تعلق كذلك بكيفية صدور الفعل عنه (وهو اختيار الإنسان وانتخابه بنفسه).
إن مثل هذا العلم الأزلي ليس فقط لا يتنافى مع اختيار الإنسان بل يثبت ذلك، ويؤكده، لأن الفعل إذا لم يصدر من اختيار الإنسان لم يكن علم الله آنذاك كاشفا عن الواقع، لأن كاشفية العلم إنما تكون إذا تحققت على النحو الذي تعلق بالشئ. ومن الطبيعي أن العلم الإلهي تعلق بصدور الفعل البشري على النحو الاختياري، يعني أن يقوم الإنسان بهذا العمل بصورة حرة وباختياره وإرادته، ففي هذه الصورة يجب أن يقع الفعل ويتحقق بهذه الخصوصية، لا على نحو الجبر والاضطرار.
من هذا البيان اتضح عدم تنافي إرادة الله الأزلية مع اختيار الإنسان، وكونه حرا في إرادته.