اتضح من البحث المتقدم الذي تضمن تفسيرا لحقيقة كلام الله، بنحوين، أن التفسير الثاني لا يخالف التفسير الأول، وأنه سبحانه متكلم بكلا الوجهين.
كما ثبت أن كلام الله حادث وليس بقديم، لأن كلامه هو فعله، ومن الواضح أن الفعل حادث، فينتج من ذلك أن " التكلم " أمر حادث أيضا.
ومع أن كلام الله حادث قطعا فإننا رعاية للأدب، وكذا درءا لسوء الفهم لا نقول: إن كلام الله (القرآن) مخلوق إذ يمكن أن يصفه أحد في ضوء ذلك بالمجعول والمختلق وإلا فإن ما سوى الله مخلوق قطعا.
يقول سليمان بن جعفر الجعفري: سألت الإمام علي بن موسى بن جعفر (عليه السلام): يا ابن رسول الله أخبرني عن القرآن أخالق أو مخلوق؟
فأجاب (عليه السلام) قائلا: " ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله عز وجل " (1).
وهنا لا بد من التذكير بنقطة تاريخية في هذا المجال وهي أنه طرحت في أوائل القرن الثالث الهجري، في عام 212 ه في أوساط المسلمين مسألة ترتبط بالقرآن الكريم، وهي: هل القرآن حادث أو قديم؟
وقد صارت هذه المسألة سببا للفرقة والاختلاف الشديدين، على حين لم يمتلك القائلون بقدم القرآن أي تبرير صحيح لمزعمتهم، لأن هناك احتمالات يكون القرآن حسب بعضها حادثا، وحسب بعضها الآخر