وفي الحقيقة فإن النكسة المادية في مجال منح السعادة للبشرية، وتحقيق أمانتها في الحرية والعدل والسلام صارت سببا للبحث مجددا عن معين الدين الصافي، ونبعه العذب بعد فترة من حرمان نفسها من مزايا الدين وفضائله، فإذا هي في عودتها القوية إلى ضالتها هذه كالضمآن الذي حرم من الماء ردحا طويلا من الزمن.
إن هذه الظاهرة الآن من الوضوح والجلاء بحيث لا يحتاج المرء إلى إقامة دليل أو شاهد عليها.
فهي ظاهرة يعرفها جيدا كل من له اطلاع على مجريات الساحة العالمية في العصر الحاضر، وإلمام بوقائعها، وحوادثها.
ولقد بلغ التوجه الجديد إلى الدين من القوة بمكان حتى أصبح محظ اهتمام المراكز العلمية العليا في شتى نقاط العالم، وراح المفكرون يتحدثون عنه، حتى أنه لا يمر يوم أو أسبوع أو شهر إلا وتطلع علينا عشرات الدراسات والمقالات بل الأبحاث المفصلة والمعمقة حول قضية الدين، وظاهرة التدين، والقضايا الروحية والدينية.