المقام الثاني: المبالغة في إثباتها، وتصورها من جنس صفات البشر، وتشكلها في الذهن، فهذا جهل وضلال، وإنما الصفة تابعة للموصوف، فإذا كان الموصوف عز وجل لم نره، ولا أخبرنا أحد أنه عاينه مع قوله لنا في تنزيله: ليس كمثله شئ، فكيف بقي لأذهاننا مجال في إثبات كيفية الباري تعالى الله عن ذلك، فكذلك صفاته المقدسة، نقر بها ونعتقد أنها حق، ولا نمثلها أصلا ولا نتشكلها.
- وقال الذهبي في سيره ج 20 ص 80 - 86 التيمي الإمام العلامة الحافظ شيخ الإسلام أبو القاسم إسماعيل بن محمد...
حدث عنه: أبو سعد السمعاني وأبو العلاء الهمذاني وأبو طاهر السلفي وأبو القاسم بن عساكر... قال أبو موسى المديني: أبو القاسم إسماعيل الحافظ إمام أئمة وقته وأستاذ علماء عصره وقدوة أهل السنة في زمانه، حدثنا عنه جماعة في حال حياته ... قال أبو موسى: ولا أعلم أحدا عاب عليه قولا ولا فعلا ولا عانده أحد إلا ونصره الله... وقال السلفي: وسمعت أبا الحسين بن الطيوري غير مرة يقول: ما قدم علينا من خراسان مثل إسماعيل بن محمد.
... وقد سئل أبو القاسم التيمي قدس سره: هل يجوز أن يقال لله حد أو لا، وهل جرى هذا الخلاف في السلف؟ فأجاب: هذه مسألة أستعفي من الجواب عنها لغموضها وقلة وقوفي على غرض السائل منها، لكني أشير إلى بعض ما بلغني: تكلم أهل الحقائق في تفسير الحد بعبارات مختلفة محصولها أن حد كل شئ موضع بينونته عن غيره، فإن كان غرض القائل: ليس لله حد لا يحيط علم الحقائق به فهو مصيب، وإن كان غرضه بذلك لا يحيط علمه تعالى بنفسه فهو ضال، أو كان غرضه أن الله بذاته في كل مكان فهو أيضا ضال.
قلت: الصواب الكف عن إطلاق ذلك إذ لم يأت فيه نص، ولو فرضنا أن المعنى صحيح فليس لنا أن نتفوه بشئ لم يأذن به الله خوفا من أن يدخل القلب شئ من البدعة اللهم إحفظ علينا إيماننا.