ولا يجوز عليه تعالى الحاجة، لأن الحاجة لا تجوز إلا على من يجوز عليه المنافع والمضار، والمنافع والمضار لا يجوزان إلا على من تجوز عليه الشهوة والنفار، وهما يستحيلان عليه تعالى. والذي يدل على أنه يستحيل عليه الشهوة والنفار أنه ليس في الفعل لا بنفسه ولا بواسطة ما يدل على كونه مشتهيا ونافرا، وقد بينا أنه لا يجوز إثباته على صفة لا يقتضيها الفعل لا بنفسه ولا بواسطة.
وأيضا فالشهوة والنفار لا يجوزان إلا على الأجسام، لأن الشهوة تجوز على من إذا أدرك المشتهي صلح عليه جسمه وإذا أدرك ما ينفر عنه فسد عليه جسمه، وهما يقتضيان كون من وجدا فيه جسما، وقد بينا أنه ليس بجسم، فيجب إذا نفي الشهوة والنفار عنه. وإذا انتفيا عنه انتفت عنه المنافع والمضار، وإذا انتفيا عنه انتفت عنه الحاجة ووجب كونه غنيا، لأن الغني هو الحي الذي ليس بمحتاج.
- تفسير التبيان ج 4 ص 34 والاستواء على أربعة أقسام: استواء في المقدار، واستواء في المكان، واستواء في الذهاب، واستواء في الإنفاق. والاستواء بمعنى الاستيلاء راجع إلى الاستواء في المكان، لأنه تمكن واقتدار.
- تفسير التبيان ج 7 ص 159 الرحمن على العرش استوى، قيل في معناه قولان: أحدهما، أنه استولى عليه، وقد ذكرنا فيما مضى شواهد ذلك. الثاني، قال الحسن: استوى لطفه وتدبيره، وقد ذكرنا ذلك أيضا فيما مضى وأوردنا شواهده في سورة البقرة، فأما الاستواء بمعنى الجلوس على الشئ فلا يجوز عليه تعالى، لأنه من صفة الأجسام والأجسام كلها محدثة. ويقال: استوى فلان على مال فلان وعلى جميع ملكه أي احتوى عليه، قال الفراء: يقال كان الأمر في بني فلان ثم استوى في بني فلان، أي قصد إليهم وأنشد:
أقول وقد قطعن بنا شروري * ثواني واستوين من النجوع أي خرجن وأقبلن.