وبه قال جماعة من المتكلمين والمحدثين، وأجازه جماعة من السلف وأنه صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة الإسراء بعيني رأسه، وهو قول ابن عباس وأبي ذر وكعب الأحبار والحسن البصري والشافعي وأحمد بن حنبل، وحكي أيضا عن ابن مسعود وأبي هريرة، والمشهور عنهما الأول، وبهذا القول الثاني قال أبو الحسن وجماعة من أصحابه، وهو الأصح، وهو مذهب المحققين من السادة الصوفية... قلت: رؤية الله تعالى في الدنيا والآخرة جائزة بالأدلة العقلية والنقلية... وأما استدلال عائشة رضي الله عنها على عدم الرؤية بقوله تعالى: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، ففيه بعد، إذ يقال بين الإدراك والإبصار فرق، فيكون معنى لا تدركه الأبصار أي لا تحيط به مع أنها تبصره، قاله سعيد بن المسيب وغيره. وقد نفى الإدراك مع وجود الرؤية في قوله تعالى: فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا، أي لا يدركونكم. وأيضا فإن الأبصار عموم وهو قابل للتخصيص فيختص المنع بالكافرين كما قال تعالى عنهم: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون، ويكرم المؤمنين أو من شاء الله منهم بالرؤية كما قال تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة. وبالجملة فالآية ليست نصا ولا من الظواهر الجلية في عدم جواز الرؤية، فلا حجة فيها والله أعلم. انتهى.
وقد لاحظت كيف صاغ صاحب حياة الحيوان الموضوع، وجعله مسألة ذات وجهين وكثر القائلين بالرؤية من السلف والخلف، ثم خلط الإدراك بمعنى اللحوق بالإدراك بمعنى الرؤية، وجعل إمكان تخصيص الله تعالى لعموم آية تخصيصا بالفعل، ثم كابر في إنكار الظاهر.. ثم جعل رواية عائشة استدلالا من زميلة له. كل ذلك لأنه يريد مذهب كعب الأحبار في الرؤية بالعين بأي ثمن!!
- وقال في عارضة الأحوذي ج 6 جزء 11 هامش ص 188 عن ابن عربي إن الله أنزل هذه الآية لا لنفي الرؤية لله ولا قالت به عائشة، فإنه يرى في الدنيا والآخرة جوازا ووقوعا!!