فكأن أبي سابق السابقين وأقرب المقربين إلى الله وإلى رسوله، وذلك أنه لم يسبقه إلى الإيمان أحد غير خديجة (سلام الله عليها) فكما أن الله عز وجل فضل السابقين على المتأخرين، فضل سابق السابقين، وقد قال الله عز وجل: أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله.
نزلت هذه الآية في أبي، وكان حمزة وجعفر قتلا شهيدين في قتلاء كثيرة من الصحابة، فجعل الله حمزة سيد الشهداء من بينهم، وجعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة مع الملائكة كيف يشاء من بينهم، وذلك لقرابتهما من جدي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وصلى جدي على عمه جمزة سبعين صلاة من بين الشهداء يوم أحد، وكذلك جعل الله تعالى لنساء نبيه المحسنة منهن أجرين، وللمسيئة منهن وزرين ضعفين لمكانهن من جدي.
وجعل الله الصلاة في مسجد نبيه بألف صلاة من بين سائر المساجد إلا المسجد الحرام لمكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلما نزل: يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما...
قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد.
فحق على كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة على جدي فريضة واجبة، وأحل الله خمس الغنيمة لرسوله وأوجبها في كتابه، وأوجب لنا من ذلك ما أوجب له، وحرم عليه الصدقة وحرمها علينا، نزهنا مما نزهه وطيب لنا ما طيب له، كرامة أكرمنا الله بها، وفضيلة فضلنا على سائر عباده.
وقال تعالى لجدي حين جحده كفرة أهل الكتاب وحاجوه: فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم، ونساءنا ونساءكم، وأنفسنا وأنفسكم، ثم نبتهل