أمرت به، وأمرتنا به وصنعت ما أمرنا به ونهتنا عنه. وكان على البصرة عند قدومها عثمان بن حنيف. فقال لهم: ما نقمتم على صاحبكم؟ فقالوا: لم نره أولى بها منا، وقد صنع ما صنع. قال: فإن الرجل أمرني فاكتب إليه، فاعلم ما جئتم به على أن أصلي أنا بالناس حتى يأتينا كتابه. فوقفوا عنه فكتب فلم يلبث إلا يومين أو ثلاثة حتى وثبوا على عثمان عند مدينة الرزق فظفروا به وأرادوا قتله، ثم خشوا غضب الأنصار (لأنه أنصاري)، فنتفوا شعر رأسه ولحيته وحاجبيه وضربوه وحبسوه.
وقام طلحة والزبير خطيبين فقالا: يا أهل البصرة توبة لحوبة (من إثم). إنما أردنا أن نستعتب أمير المؤمنين عثمان، فغلب السفهاء الحلماء فقتلوه. فقال الناس لطلحة:
يا أبا محمد قد كانت كتبك تأتينا بغير هذا.
فقال الزبير: هل جاءكم مني كتاب في شأنه؟ ثم ذكر قتل عثمان، وأظهر عيب علي، ورماه بقتل عثمان.
دفاع رجل من عبد القيس عن علي رضي الله عنه:
بعد أن قال طلحة والزبير ما قالا، قام رجل من عبد القيس. فقال للزبير: أنصت حتى نتكلم: يا معشر المهاجرين، أنتم أول من أجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لكم بذلك فضل، ثم دخل الناس في الإسلام، ولم تستأمرونا في شئ من ذلك فجعل الله للمسلمين في أمارته بركة. ثم مات واستخلف عليكم رجلا فلم تشاورونا في ذلك، فرضينا وسلمنا. فلما توفي جعل أمركم إلى ستة نفر فاخترتم عثمان، وبايعتموه عن غير مشورة منا، ثم أنكرتم منه شيئا فقتلتموه عن غير مشورة منا، ثم بايعتم عليا عن غير مشورة منا. فما الذي نقمتم عليه فنقاتله؟ هل استأثر بفئ أو عمل بغير الحق، أو أتى شيئا تنكرونه فتكون معكم عليه. وإلا فما هذا؟
فهموا بقتل ذلك الرجل فقام من دونه عشيرته، وفي الغد وثبوا عليه وعلى من كان معه فقتلوا سبعين رجلا.
حكيم بن جبلة يقاتل ثم يقتل: (25 ربيع الآخر سنة 36)