وإبان الحصار كانت المناوشات والمجاولات الفردية تقع بين المسلمين وبين المشركين. من ذلك عمرو بن عبد ود ونوفل المخزومي، حيث قتلا على يد علي ابن أبي طالب. فقد قفز نوفل بجواده إلى الخندق، فنزل إليه علي.
لكن نوفلا سقط من على الجواد، فانتظره علي حتى ينهض، ويشهر سيفه، من غير أن ينتهز الفرصة لقتله. حينما نزل نوفل الخندق كانت الشمس تشارف على الغروب، وترسل أشعتها نحو عيني علي، ومع ذلك فإنه تمكن من قتله قبل غروبها.
ولما كانت نساء قريش قد مثلت برجال المسلمين في معركة أحد فقد خشي أبو سفيان من التمثيل بنوفل، وهو أحد أثرياء مكة. فبعث إلى علي من يقول له:
أمنحك مائة جمل بشرط ألا تقطع رأسه، وتسلمني جثته سليمة لكن عليا رفض هذه المنحة، ورد الجثة من غير عيب إلى قريش.
والمحارب الآخر الذي قتل بيد علي، هو عمر بن عبد ود فبالإضافة إلى شجاعته كان ذا جسم ضخم. وقد استطاع في أثناء مصاولته أن يجرح عليا مرتين بسيفه، بيد أن عليا لم يكن ذلك الرجل الذي ينسحب من ساحة الحرب بسبب جرحين، وتابع على مجاولته، فضرب خصمه عمرا على يده ضربة أطاحت بسيفه.
فدنا علي من السيف ووضع قدمه عليه، حتى لا يتسنى له تناوله، ثم قال له: يا عمرو إن أعلنت إسلامك فلن أقتلك، فبصق عمرو بن عبد ود في وجه على وأجابه:
لن أسلم.
فمسح علي وجهه، وسكن قليلا، لا يتكلم ولا يتحرك، بينما تابع عمرو كلامه.
قلت لك لن أسلم فلم لا تقتلني؟ فأجابه علي: لأنك حين بصقت في وجهي اعتراني الغضب، فلو قتلتك آنئذ لجاء قتلي انتقاما وثورة، وأنا لا أريد أن أقتلك في حالتي الثائرة هذه، لأننا مسلمون، ونحن نحارب في سبيل الله، لا في سبيل إخماد ثورة غضبنا. أيا عمرو، مع أنك بصقت في وجهي أعود فأسألك: إن دخلت في الإسلام عزفت عن قتلك، فرد عمرو كلامه: لن أسلم. عندئذ دنا علي منه وضربه