فأخبرته، فقال لها: إذا قال لك ذلك فقولي: أنا والله أحبك فمه، فأعاد عليها الفتى قوله فقالت له: وأنا والله أحبك فمه. فقال: تصبرين ونصبر حتى يوفينا من يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب، فأعلمت عليا عليه السلام فدعا به فزوجه منها ودفعها إليه.
ومنهم الفاضل المعاصر عبد الرحمن الشرقاوي في " علي إمام المتقين " (ج 1 ص 41 ط مكتبة غريب - الفجالة) قال:
على أن هذا الزاهد الذي يكاد يذوى من الجوع كانت تعتريه القوة إذا انشغل بالعلم الذي تلقاه عن رسول الله، أو بالجهاد في سبيل الله كانت تتلبسه الشجاعة والقدرة البدنية الخارقة، في المواقع التي شهدها مع الرسول منذ إذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير.
إلى أن قال بعد ذكر مجاهداته في إعلاء كلمة التوحيد ونصرة سيد المرسلين من غزوات بدر وأحد والأحزاب وخيبر وحنين وغيرها:
وقد أفاء الله من هذه الغزوات على المجاهدين وفي طليعتهم علي، ولكنه كان يتصدق بكل ما يصل إليه، ولا يبقى في داره إلا ما يكفي الطعام والكساء: الطعام الذي يقيم الأود، والكساء الذي لا زخرف فيه ولا أبهة.
وبعثه الرسول أول مرة إلى اليمن في شهر رمضان من السنة العاشرة من الهجرة.
عقد له اللواء، وعممه بيده وقال: امض لا تلتفت، فإذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك. فخرج في ثلاثمائة فارس، فدعاهم إلى الإسلام، فأبوا ورموا بالنبل، ثم حمل عليهم بأصحابه، فتفرقوا وانهزموا، فكف عن مطاردتهم، ودعاهم إلى الإسلام، فأسرعوا وأجابوا، بايعه نفر من رؤسائهم على الإسلام، وتبعهم أهل البلاد وقدموا حللا من الخز وأنعاما وأموالا كثيرة لعلي وقالوا: هذه صدقتنا فخذ منها حق الله.