سواه ثم هو يرى أن حيدته عن خطته تلك تنكب منهاج الشرع القويم، وانتقاض لدينه، وكان من جراء ذلك أن انفض من حوله أمس الناس رحما به، كأخيه عقيل، وابن عمه عبد الله بن عباس، وكان مسلكه ذلك أحد أسباب إخفاقه، ولنذكر مثلا يؤيد ذلك.
رووا أن عقيلا لزمه دين فقدم على علي بالكوفة فأنزله، وأمر ابنه الحسن، فكساه، فلما أمسى دعا بعشائه، فإذا هو خبز، وملح، وبقل، فقال عقيل: ما هو إلا ما أرى؟ قال: لا. قال: فتقضي ديني. قال: وكم دينك؟ قال: أربعون ألفا، قال: ما هي عندي. ولكن اصبر حتى يخرج عطائي فإنه أربعة آلاف فأرفعه إليك، فقال:
بيوت المال بيدك وأنت تسوفني بعطائك؟ قال: أتأمرني أن أدفع إليك أموال المسلمين، وقد ائتمنوني عليها؟ قال: فإني آت معاوية. فإذن له، فأتى معاوية وكان معاوية زوج خالته فاطمة بنت عتبة بن ربيعة.
غاضب عقيل أخاه وهجره إلى معاوية، فأكرمه وقربه وقضى حوائجه وأدى عنه دينه، وقد قال له معاوية يوما: هذا أبو يزيد، لولا أنه علم أني خير له من أخيه لما أقام عندنا وتركه، فقال له عقيل: أخي خير لي في ديني، وأنت خير لي في دنياي، وقد آثرت دنياي، أسأل الله خاتمة خير. وقال له معاوية: أبا يزيد، أنا لك خير من أخيك علي. قال: صدقت، إن أخي آثر دينه على دنياه، وأنت آثرت دنياك على دينك، فأنت خير من أخي، وأخي خير لنفسه منك.
ومنهم الحافظ الشيخ جلال الدين عيد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي المتوفى سنة 911 في كتابه " مسند علي بن أبي طالب " (ج 1 ص 85 ط المطبعة العزيزية بحيدر آباد، الهند) قال:
عن الشعبي قال: قال علي رضي الله عنه ولقد تزوجت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم وما لي ولها فراش غير جلد كبش ننام عليه بالليل ونعلف عليه ناضحنا بالنهار وما لي خادم غيرها. (هناد).