شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ١٣ - الصفحة ٣٦٩
وأما الدليل على بقاء الدجال (إلى أن قال):
وأما بقاء المهدي فقد جاء في الكتاب والسنة أما الكتاب فقد قال سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى: ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، قال: هو المهدي من عترة فاطمة عليها السلام (إلى أن قال):
وأما السنة فما تقدم في كتابنا من الأحاديث الصحيحة الصريحة.
وأما الجواب عن طول الزمان فمن حيث النص والمعنى.
أما النص فما تقدم من الأخبار على أنه لا بد من وجود الثلاثة في آخر الزمان وأنهم ليس فيهم متبوع غير المهدي بدليل أنه إمام الأمة في آخر الزمان وأن عيسى (ع) يصلي خلفه كما ورد في الصحاح ويصدقه في دعواه والثالث هو الدجال اللعين وقد ثبت أنه حي موجود.
وأما المعنى في بقائهم لا يخلو من أحد قسمين، إما أن يكون بقاؤهم في مقدور الله أو لا يكون، ومستحيل أن يخرج عن مقدور الله لأن من بدأ الخلق من غير شئ وأفناه ثم يعيده بعد الفناء لا بد أن يكون البقاء في مقدوره، وإذا ثبت أن البقاء في مقدوره تعالى فلا يخلو أيضا من قسمين إما أن يكون راجعا إلى اختيار الله تعالى أو إلى اختيار الأمة ولا يجوز أن يكون إلى اختيار الأمة لأنه لو صح ذلك منهم لصح من أحدنا أن يختار البقاء لنفسه ولولده وذلك غير حاصل لنا غير داخل تحت مقدورنا فلا بد من أن يكون راجعا إلى اختيار الله سبحانه.
ثم لا يخلو بقاء هؤلاء الثلاثة من قسمين أيضا إما أن يكون لسبب أو لا يكون لسبب فإن كان لغير سبب كان خارجا عن وجه الحكمة وما خرج عن وجه الحكمة لا يدخل في أفعال الله تعالى فلا بد من أن يكون لسبب تقتضيه حكمة الله تعالى قلت: وسنذكر بقاء كل أحد منهم على حدته أما بقاء عيسى (ع) لسبب وهو قوله تعالى: (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته) ولم يؤمن به منذ نزول هذه الآية إلى يومنا هذا أحد فلا بد أن يكون هذا في آخر الزمان.
وأما الدجال اللعين لم يحدث حدثا مذ عهد إلينا رسول الله (ص) أنه خارج فيكم الأعور الدجال وأن معه جبال من خبز تسير معه إلى غير ذلك من آياته فلا بد أن يكون ذلك في آخر الزمان لا محالة.
وأما الإمام المهدي (ع) مذ غيبته عن الأبصار إلى يومنا هذا لم يملأ الأرض قسطا وعدلا كما تقدمت الأخبار في ذلك فلا لا بد أن يكون ذلك مشروطا بآخر الزمان فقد صارت هذه الأسباب لاستيفاء الأجل المعلوم، فعلى هذا اتفقت أسباب بقاء الثلاثة لصحة أمر معلوم في وقت معلوم وهما صالحان نبي وإمام طالح عدو الله وهو الدجال وقد تقدمت الأخبار من الصحاح بما ذكرناه في صحة بقاء الدجال مع صحة بقاء عيسى (ع) فما المانع من بقاء المهدي عليه السلام.
كان إمام آخر الزمان يملأ الأرض قسطا وعدلا على ما تقدمت الأخبار فيكون بقاؤه مصلحة للمكلفين ولطفا لهم في بقائه من عند رب العالمين.
والدجال إذا بقي فبقاؤه مفسدة للعالمين لما ذكر من ادعائه الربوبية وفتكه بالأمة ولكن في بقائه ابتلاء من الله تعالى.
وأما بقاء عيسى (ع) فهو سبب إيمان أهل الكتاب للآية والتصديق بنبوة سيدنا محمد سيد الأنبياء وخاتم النبيين ورسول رب العالمين ويكون بيانا لدعوى الإمام عن أهل الإيمان ومصدقا لما دعا إليه عند أهل الطغيان بدليل صلاته خلفه ونصرته إياه ودعاؤه إلى الملة المحمدية التي هو إمام فيها فصار بقاء المهدي عليه السلام أصلا وبقاء الاثنين فرعا على بقائه فكيف يصح بقاء الفرعين مع عدم بقاء الأصل لهما ولو صح ذلك لصح وجود المسبب من دون وجود السبب وذلك مستحيل في العقول وإنما قلنا أن بقاء المهدي أصل لبقاء الاثنين لأنه لا يصح وجود عيسى (ع) بانفراده غير ناصر لملة الإسلام وغير مصدق للإمام لأنه لو صح ذلك لكان منفردا بدولة ودعوة وذلك يبطل دعوة الإسلام من حيث أراد أن يكون تبعا فصار متبوعا وأراد أن يكون فرعا فصار أصلا والنبي (ص) قال: لا نبي بعدي وقال (ص): الحلال ما أحل الله على لساني إلى يوم القيامة والحرام ما حرم الله على لساني إلى يوم القيامة فلا بد من أن يكون عونا وناصرا ومصدقا وإذا لم يجد من يكون له عونا ومصدقا لدعواه لم يكن لوجوده تأثير فيثبت أن وجود المهدي أصل لوجوده وكذلك الدجال اللعين لا يصح وجوده في آخر الزمان ولا يكون للأمة إمام يرجعون إليه ووزير يعولون عليه لأنه لو كان الأمر كذلك لم يزل الإسلام مقهورا ودعوته باطلا فصار وجود الإمام أصلا لوجوده على ما قلنا.
ونقل العلامة السيوطي في " الحاوي للفتاوي " (ص ٦٧ ط مصر).
عن ابن سعد وابن أبي شيبة عن ابن عمرو أنه قال: يا أهل الكوفة أنتم أسعد الناس بالمهدي.
ونقل أيضا في " الحاوي للفتاوي " (ص ٦٦ ط مصر) قال:
عن نعيم بن حماد وعمر بن شيبة عن عبد الله بن عمرو قال: إذا خسف بالجيش بالبيداء فهو علامة خروج المهدي.
ونقل العلامة القرطبي في " التذكرة ".
بإسناده عن عبد الله بن عمر قال: إذا خسف الله بالجيش بالبيداء فهو علامة خروج المهدي.
ونقل العلامة المولى علي المتقي الهندي في " كنز العمال " (ج ١١ ص ٢٢٤ ط حيدر آباد).
عن ابن عباس قال: إذا كان خروج السفياني في سبع وثلاثين كان ملكه (ثمانية وعشرين شهرا) وإن خرج في تسع وثلاثين كان ملكه تسعة أشهر، (نعيم بن حماد).
ونقل العلامة ابن الصباغ في " الفصول المهمة " (ص ٢٨٢ ط الغري).
والعلامة الحمزاوي في " مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار "