حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١١٤
سمع النبي مع لغط الأحزاب همسات تند بائتمار على إنكار نصوصه السابقة، أو انحراف بتفسيرها، فرأى أن يحتفل بالنص احتفالا رسميا يبطل فيه من العناية الخاصة ما يسكت نأمة القوم، ويرسل النص منفجرا في شبه الجزيرة كلها بصوت يمتد إلى أبعد مدى إسلامي فدعى إلى حجة الوداع، وعمم الدعوة حتى انتهى إليه عشرون ومئة ألف يمثلون أقطار الإسلام كلها، ثم حج بهم وانتظر - كما أمره الله - حتى انقضى الحج وانتشر الناس كل وفد سلك طريق بلده. أتدري لماذا؟ لأنه لم يؤمر بأن ينص على علي عرضا، وإنما أمر أن يبذل في النص عناية مستقلة فيعيد الناس من مسالكهم إلى غدير (خم) ليكون الحدث أعلق بالذاكرة وأجدر بالاهتمام. وكذلك فعل، فإذا أقبل الناس من منصرفهم متشوقين إلى خبر السماء الخطير، وصنع له منبر من أحداج الإبل، وأخذ بضبعي علي، وذكر للناس أهم ما جاءهم من خير وتنظيم واستشهدهم بعد كل حادثة من حوادث تجديده على صدق تبليغه. إذا فعل هذا كله رفع عليا بكلتا يديه الكريمتين حتى بان سواد إبطيه فنص عليه النص خالد، ولم يكد يتحرك من مكانه على أحداج الإبل حتى بلغ الناس ما أوحي إليه تعليقا على تعيين علي، فإذا الله يبارك الاحتفال بهذا (الموسوم): (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) ولو كشف لك الغطاء لرأيت هذا الجمع الغفير يتحلق حول علي، ورأيت عليا يتقبل التهاني ورأيت أبا بكر وعمر يصافحانه وهو يتقبل
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست