يظفر من بينهم هذا المستضعف الكادح، بهذا المجد القوي المنعم.
قال (الصادق) - عليه السلم - مرة لبعض أصحابه: (إن أقواما يزعمون أن عليا عليه السلام لم يكن إماما حتى شهر سيفه خاب إذن عمار!).
ولو لم يكن لعمار حكم القاعدة المسلمة لما استقام منطق (الصادق) في جعله آية على إمامة علي قبل امتشاقه السيف، واتخاذه من تشيع عمار أيام قعود علي برهانا على رجحان المذهب الشيعي في مشكلة الإمامة.
ثم لا يستقيم هذا المنطق إذا كان لعمار هذا الحكم عند الشيعة خاصة من فرق المسلمين، لأن الحجة لا تنهض إلا إذا كانت ملزمة بنظر الخصوم والأصدقاء، والواقع أن كلمة (الصادق) هذه يرسلها بعد عمار بأربعة أجيال، إنما هي صدى لنظرة المسلمين العامة إلى عمار في أيامه، قبل أن تتمذهب الآراء، وتتخذ طوابعها الجدلية في عصر الصادق، وسأحدثك عن عمق هذه النظرة وأثرها في خصوم عمار أنفسهم.
شهادة الصادق هذه المستنتجة من استدلاله تكفي عمارا لو كنا بسبيل من تزكيته، ولكني منه إزاء شخصيته المعنوية التي جعلته عيارا في وزن القيم، و (مثالا) في مفاهيم الخير، مرتفعا من سلوكه الإنساني المستقيم إلى هذه القمة التي استشرفها أشخاص اللحم والدم من منخفضاتهم في تقدير وإكبار، حتى