صريع الفئة الباغية بعد اطمئنان البصرة وعودة الحياة فيها إلى مجراها الطبيعي في ظل عبد الله بن عباس واليها الجديد، لم يبق في أقطار المملكة الإسلامية الواسعة من شغب، إلا في الشام، على أن شغبها في ذاته خطر ليس بذي بال، فصاحبها كان معاوية، وإذا كان لطلحة والزبير وأمهما: أم المؤمنين من القيم الإسلامية التي تبيح المغامرة بمناوئة علي فليس معاوية في نظر العالم الإسلامي يومذاك إلا (الطليق) ابن الطليق، وليس هو غير ابن رجل قاد (الأحزاب) وظاهر اليهود على محو الإسلام لذلك كان شغب دمشق، أو شغب معاوية فيها أمرا ضعيف الخطر لو خلي ونفسه، ولكنه كان كبير الخطر. بالغ الأهمية لظروفه التاريخية، عوامله الزمنية، هذه الظروف والعوامل التي كانت هي، لا معاوية، تنازل عليا في واقع الأمر وحقيقته، وليس لهذا المعروف من دهاء معاوية، و (مكيافليليته) ضلع في نصره ولا يد.
كانت حججه التي خرج بها على علي سفسطائية واهية منهارة في نفسه، قبل أن تنهار تحت ضربة الحق. اتهم عليا