حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١١٧
تنزلق عن نفوس كأنها غير النفوس، وكأنها تمر منها على صخر فلا تنقش فيه أثرا، ولا يرن فيها صدى؟ الكلمة النبوية لم تفقد شيئا من عناصر قدسها وحياتها وقوة تأثيرها. فما بالها لا توحي ولا تهيب ولا تبعث؟. يقول عمار: ولكنها بلغت مني اليوم ما تعودت أن تبلغه مني في كل وقت، أو هي اليوم أعمق ما كانت علي تأثيرا، هذا دلني على أن العيب كان في الصدى لا في الصوت، لأن نفسي التي لم تتغير فلم تطمع ولم تبرح عطشى للحق تجاوبت بكلمة النبي هذه تجاوبا له دوي.
ومضى الصمت بعد الكلمة فوجم النبي مستندا يستعيد قواه واستمر القوم واجمين ويقلب النبي شفته عجبا، ويقول:
" آتوني بدواة وقلم أكتب لكم كتابا لا تضلون به بعدي ".
ومن عجيب الأمر أن صمت القوم قد انفجر! وانفجر قبل أن يتحرك أحد في طلب الدواة والقلم، أتدري لماذا؟ خشي القوم أن يؤيد النبي قوله الذي سمعت في كتابه هذا، وعندئذ تضيع عليهم فرصة التأويل والنكران، بمستند مكتوب يولي عليا ويقطع عليهم الطريق.
قال عمر - وعلى لسانه انفجر الصمت -: حسبنا كتاب الله!.
فقال النبي: " علي مع القرآن والقرآن مع علي "، ويعني أن أحدهما لا يغني عن الآخر.
ويقول عمر للقوم: (إن النبي يهجر) 1 فتعلو ضجة. هذا
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست