وانصرف يحصي مظاهر نشاط النبي خلال سنته الأخير لإقرار علي في مركز الخلافة فقد أوشك النبي أن يدعى ويجيب.
قال المحدث: ورأى عمار هذه السنة من حياة النبي بالغة الجهد، بالغة الحكمة، يكاد يكون أهم أعمال النبي فيها ما يتصل بالخلافة، إن لم يكن عمله قاصرا على ما يتصل بها، وقد اتخذ نشاطه العظيم هذا مظاهر تختلف منحى، وتتفق مغزى، وتلزم المسلمين بعلي في كل حال إلزاما يكاد يكون الخروج منه فاضحا وأبرز هذه المظاهر عهده يوم الغدير وهو راجع من حجة الوداع، واتجاهه إلى إشغال المسلمين بالغزو، وتأميره أسامة بن زيد على مشيخة المهاجرين والأنصار رضي الله تعالى عنهم، ومحاولته تدوين عهده إلى علي بكتاب لا يضل المسلمون بعده، كما قال وما أصدق وأخلص ما قال، في خطة مقدرة مدبرة تجتمع لها هذه الأحداث عن تقدير وتدبير، ولكل حدث من هذه الأحداث حكاية نكتفي منها بذكر مغزاها.
قال المحدث: أما يوم الغدير فكان قمة أيام الإسلام في عهد النبي - كما رأيت في أول هذا الفصل -. وكانت نصوص النبي قبله نصوصا صريحة واضحة ولكنها كانت مرسلة يرسلها النبي إذا عرضت المناسبة، فيلقيها على من اتفق حضوره من أهله وأصحابه، ولم يكن في شئ من ذلك عمل رسمي، ولا جهد مركز، ولا قول شائع مما يأخذ بالمنصب، ويدين به على وجه حاسم قاطع لا يمكن التأول به، أو الفرار منه، وربما