يوم التأسيس كان الإسلام مستقرا في المدينة يوم هاجر إليها النبي. سبقه إليها بعد بيعة العقبة على أيدي نقباء الأوس والخزرج من أنصاره اليمانيين، فحياة النبي فيها تختلف عن حياته في مكة اختلافا عظيما، كان هناك (داعيا) فقط لم يتح له عناد قريش أن يجتاز مرحلة الدعوة القاصرة على الوعد والوعيد، والتبشير والإنذار، وهو هنا مؤسس يفرغ من مرحلة الدعوة أو يكاد، ويبدأ مرحلة التنظيم والتعمير والإدارة واستيفاء التشريع، وقد عظمت حاجته إلى الانشاء عندما تلاحق به مسلمو مكة، ومهاجرو الحبشة، واجتمعوا حوله مشكلين نواة دولة في داره الآمنة، وسلطانه الجديد.
غصت بيوت المسلمين من الأنصار بمن استقبلت من المسلمين المهاجرين، ولم تثقل ضيافة هؤلاء على كرم أولئك وأريحياتهم، ولكن القادمين لم يفدوا في موسم ينقضي، ولم يقبلوا على زيارة لها نهاية، وإنما هم منذ اليوم مواطنون كتب على (المدينة) أن تكون لهم دار إقامة، وكتب عليهم أن يؤثروا المدينة على مساقط رؤوسهم فلا بد - إذا - من حل يجعل لهذه