حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١٦٢
في عهد عثمان قال الطبيب: أي الشراب أحب إليك؟ فقال عمر أفضل النبيذ. وأتي بنبيذ تناول منه جرعات فنزفت الجراح، وسال النبيذ من أحدها، فبدا على وجه الطبيب اليأس، ولكن الحاضرين لم ييأسوا فقال قائلهم: ليس ما ترى - أيها الطبيب - نبيذا، وإنما هو صديد اشتبه عليك لونه، فقال الطبيب: آتونا بلبن، ويشرب الخليفة من اللبن فتنزف الجراح، ويخرج اللبن من أحدها صريح اللون، فيقول الطبيب للخليفة بجزم: لا أراك ممسيا فما كنت فاعلا فافعل. ويقول كعب الأحبار: يا أمير المؤمنين ألم أنبئك أنك شهيد؟ (1) فيجيبه أبو حفص: وأين الشهادة وأنا في جزيرة العرب؟!.

(١) نبوءة كعب الأحبار هذه ليست علما بالغيب، ولا عبقرية في الحدس، ولكنها شاهد من شواهد ذلك الصراع الحزبي العنيف الأخرى، وفلتة ربما دانت كعبا بالانتماء إلى الحزب الأموي والتجسس على عمر في ثوب المخلص له المقرب إليه، وهو بهذه النبوءة يضلل الخليفة عن المجرم المقنع، ويخدعه بهذا اللسان الديني عن الجد في الكشف عن قناع المؤامرة التي يظهر أن لكعب سابق علم بها، وكان كعب بعد ذلك ركنا في بلاط معاوية يدير فيه (الدعاية) ويعلم الدس عن طريق القصص والوضع.
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست