حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١٠٩
إذ قالوا: أبت العرب أن تجتمع النبوة والخلافة في بيت واحد، في صيغة من الاعتذار إذا كان عليها لمعان وبريق من الروح الديمقراطي، فإنها معجونة بالتحدث لنيل القصد النبوي، والإباء على فهمه إباء يحدث تلك الهوة الرهيبة. ولو رجعوا إلى بينة من الأمر لرأوه بطبيعة دينه وخلقه أبعد الناس عن أنانيات الحكم المطلق، وعنجهيات السلطان العائلي، ولو أراد شيئا من هذا لكان جديرا أن يعهد إلى عمه العباس فيبطل كثيرا من حججهم لإقصاء علي، فالعباس على أنه أقرب إليه ليس حدث السن، ولا والغا في دماء العرب - كما شاؤوا أن يعيبوا عليا - ولكنه الحق من مصلحة الجميع هو الذي فرض عليا ولم يكن للنبي في فرضه خيار.
قال المحدث: وكان عمار يراقب الأحداث، ويحاكم حركاتها فيصدر عن معطياتها واعيا يقظا سديد الحكم على الأشخاص والأشياء وقد رأى أعمق أسباب الهوة بين النبي وكثرة الأحزاب في هذه المشكلة، أن كثيرا من المهاجرين والأنصار حديثو عهد بهذه الحركة، وأنهم دخلوا يوم دخلوها مغامرين، وأقبلوا عليها طامعين، ثم تبنوها فدافعوا عن أنفسهم وعن مطامعهم حين دافعوا عنها بمعزل عن حقها وخيرها وما انبعثت من أجله، فلما انتصرت كانت نفوسهم أكياسا لرواسب كثاف من تركات التقاليد والتاريخ المهزومة من الميدان إلى الاختفاء في ثانيا الصدور، وخلايا الأحشاء وإلا فبماذا تفسر النقمة على علي لقتله من قتل من آبائهم وأبنائهم، في حين
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست