حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١١١
فات عليا من السياسة الحق حين اعترفوا له بالدين والعلم والعدل والحرب؟ أفاته الكذب والدس والاحتيال والخداع والرياء؟ نعم فاتته كل هذه المواهب وفات هو كل هذه النعم، أتراهم حين سلبوه إياها - وهو منها برئ حقا - أرادوا أن يرجحوا بها عليه؟ الحق أنهم ظفروا، إن كانوا إلى هذا قصدوا، ولكن النبي إنما عين عليا ليجبهم مزلقة هذا الفخر، ويحملهم على السياسة بمعناها التعميري القائم على الدين والعلم والعدل والحرب، لا على الافتراض والاقتناص والامتصاص.
ولعل من أغرب ما يواجهه الإنسان في هذه الأعذار أنها لا تكلف نفسها عناء المنطق، ولا تلزم أصحابها بشئ من معرفة الحساب ولعمري إن أربعا ثقالا من خلال الحاكم كالذين والعلم والعدل والحرب يرجحن في الميزان على واحدة خفيفة كالسياسة في عرفهم لو كان لحساب شأن، ثم إن إتمام نقص واحد كهذه السياسة، أسهل من إتمام أربع كتلك لا يعوض عنها في الحاكم شئ لو كان لمنطق شأن كذلك، ولعل أوجه ما وقفوا إليه من منطق ما عرضوا له من أمر (الشورى) ولكن هذه لم تستقم لهم أيضا، إذ كانت - على الصعيد الزمني - بيعة أبي بكر فلتة، وكانت بيعة عمر عهدا قبلوه من أبي بكر في عمر ورفضوه من النبي في الوصي، وكانت بيعة عثمان تزويرا انتهى عمليا بفساد نظرية الانتخاب في مجتمع غير حر، ثم عادت الخلافة وراثة في تقليد روحي مداره مصلحة (البيت)
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست