للبعض الذي جهد في أن يحتوي البحر بكفه، معاندة للحق، وتجنيا على الآخرين.
فقد استفاضت المصادر التأريخية والحديثة وغيرها، ومن الفريقين، في ذكر هذه الواقعة الشهيرة الحادثة بعد صدور رسول الله صلى الله عليه وآله من حجة الوداع، وحيث تذكر تلك المصادر أنه صلى الله عليه وآله قد استرسل مع الركب العظيم الزاحف في صحراء الجزيرة وجوها اللاهب، وحيث كان الجميع - كما هو مألوف عند جميع الحجاج في كل زمان بعد انتهاء مناسك حجهم - يستعجل الخطا نحو منزله لما بلغ به من الإنهاك والإعياء، والشوق للقاء الأهل بعد هذا السفر الطويل والشاق.. عشرات الآلاف من حجاج بيت الله الحرام يستحث آخرهم أولهم لاجتياز ما تبقى من المسافة الطويلة الممتدة نحو الأفق البعيد.. وعلى حين غرة والركب العظيم يجتاز وادي خم (1) إذا بمنادي رسول الله صلى الله عليه وآله يدعو الناس إليه للاجتماع، في هذا الجو القائض، وعلى هذه الأرض الملتهبة، حتى روي أن المسلمين كان يضعون ثيابهم تحت أرجلهم من شدة سخونة رمل الصحراء.
يقول الراوون من الصحابة: أنه صلى الله عليه وآله أمر بدوحات فقممن، ثم خاطب المسلمين - المتسائلين عن الأمر الخطير الذي حبسهم من أجله رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله:.. أليس تشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله؟ وأن جنته حق وناره حق؟ وأن الموت حق، وأن البعث حق بعد الموت، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟