فسقيفة بني ساعدة كانت كميدان تناطحت فيه آراء متضاربة كل منها يدعي أولويته في التصدي لمسؤولية خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله، وأحقانيته في هذا الأمر دون غيره، حتى بادر المهاجرون، وكانوا ثلاثة نفر، إلى مصادرة هذا الأمر رغما عن الأنصار وغيرهم.
نعم لم يكن بحاضر في سقيفة بني ساعدة من وجوه المهاجرين سوى ثلاثة من المهاجرين: أبي بكر، وعمر بن الخطاب، وأبي عبيدة الجراح، وليس في هذا تمثيل قانوني لجموع المهاجرين، وعلى رأسهم أهل البيت عليهم السلام، وهم الأولى بهذا الأمر استرسالا مع حجتهم الذاهبة - في التشبث بتقدمهم على الأنصار - إلى أن القرابة هي الحاكمة في هذا التنصيب.
فهل كان هناك منهجان اختطهما رسول الله صلى الله عليه وآله، أم أن كلا منهما كان يجر النار إلى قرصه، أم ماذا؟!
ثم إذا سلمنا بصحة مدعى المهاجرين، فهل يمكننا أن نعتبر دعواهم هي المقياس الذي ينبغي أن لا يتجاوزه المسلمون من بعد، على اعتبار أن فعلهم هو المعيار الشرعي في اختيار الخليفة النائب عن رسول الله صلى الله عليه وآله - طالما سلمنا بوجود المنهج الذي رسمه المشرع الاسلامي في اختيار الوصي أو الإمام وأناطه بالأمة - فلم لم يتخذ منهجا يسير عليه اللاحقون، وتجري في مدارجه خطاهم، بل تراها خضعت لحسابات متفاوتة حتى امتطى سدة الخلاقة ومنبر رسول الله صلى الله عليه وآله أمثال معاوية وولده يزيد ومروان ومن لف لفهم.
بلى إذا كان أبو بكر قد تولى خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله كما يقال - بالانتخاب أو التصويت - وإن كان عمر بن الخطاب يقول: أنها