أقول: لم يحتج القوم باختيار المشرع لوصي وخليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله بشكل قطعي، إلا ما ادعاه البعض لأبي بكر، وهو احتجاج وقول لا يؤبه به، لأنه لم يثبت قطعا، ولم يدعيه هو لنفسه، بل نقل عنه قوله على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله: أقيلوني، فكيف يطلب من نصبه الله ورسوله وصيا على الأمة منها أن تقيله؟! إن ذلك محض خيال لا صلة له بالواقع قطعا.
كما إنه يتناقض مع قوله الشهير: إن بيعتي كانت فلتة وقى الله شرها، وخشيت الفتنة (1) ويؤكدها في ذلك قول عمر بن الخطاب من بعد، وقد تقدم منا ذكره.
بلى قد يحتج البعض بأن الأمة قد أجمعت على بيعة أبي بكر، وأن هذه الأمة لا تجتمع على خطأ أو على ضلال كما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله، إلا أنه يرد عليه وكما قال سيدنا الإمام المرحوم عبد الحسين شرف الدين: بأن المراد من قوله صلى الله عليه وآله لا تجتمع على الخطأ، ولا تجتمع على الضلال: إنما هو نفي الخطأ والضلال عن الأمر الذي اشتورت فيه الأمة فقررته باختيارها، واتفاق آرائها، وهذا هو المتبادر من السنن لا غير، أما الأمر الذي يراه نفر من الأمة فينهضون به [يشير إلى ما جرى في سقيفة بني ساعدة] ثم يتسنى لهم إكراه أهل الحل والعقد عليه، فلا دليل على صوابه. وبيعة السقيفة لم تكن عن مشورة، وإنما قام بها الخليفة الثاني، وأبو عبيدة، ونفر معهما، ثم فاجأوا بها أهل الحل والعقد، وساعدتهم تلك الظروف على ما أرادوا (2).
نعم وإن كان يبدو إيراد هذا القول لسيدنا الإمام شرف الدين رحمه الله