على العكس من ذلك، فقد ابتنت عليه جملة كبيرة من أفكارهم ومعتقداتهم، لأنهم يمتلكون على إثبات هذا الأمر جملة واسعة من الأدلة النقلية والعقلية التي يتفق عليها الفريقان، رغم مخالفة الطرف الآخر لهم في اعتقاده بأن اختيار الإمام من حق الأمة، وليس هو شأن خارج عن إرادتها ومتعلق بإرادة السماء كما يعتقده الشيعة وإن كانوا يذهبون إلى القول بوجوبها لقيادة الأمة. وبذا فهم قد خالفوا الشيعة فيما ذهبوا إليه من تنصيب علي عليه السلام من قبل الله تعالى، خليفة لرسوله الكريم صلى الله عليه وآله، وحصر الإمامة في أبنائه عليهم السلام.
ومما لا ريب فيه أن إطلاق الأقوال جزافا ليس هو بعمل المحصلين، ولا يسع المرء - بل لا ينبغي له الركون - إلى صدقه إذا لم يعضده الدليل السليم، والحجة المقنعة، وهذا ما نراه من الشيعة أكثر ما يطالبون به مخالفيهم والرادين عليهم، مع تطوعهم (أي الشيعة) لإثبات دعاواهم من خلال طرحها ومناقشة حجيتها.
وخلاصة المقال: فإن الاختلاف الحاصل في مسألة الإمامة والخلافة بين الفريقين، وإن تشعبت فيه الآراء، إلا أنه لا يخرج عن هذه التصورات الثلاث:
أولها: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد ترك أمته هملا من بعده، وعليها هي وحدها أن تتولى مسؤولية تدبير أمورها وفق ما ترتأيه، ومما تتوصل إليه. وهذا الأمر كما هو واضح وجلي ينسحب بالتالي إلى إرادة الباري عز وجل، حيث أن الرسول مبلغ، وما لم يبلغ به لا يطالب به.
ثانيها: إن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله قد رسما للأمة سبيل ومواصفات وأسلوب اختيار الخليفة والإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.