الهوى على حساب الحق، حتى قال أمير المؤمنين علي عليه السلام عنها:
فصغا رجل منهم لضغنه، ومال الآخر لصهره، مع هن وهن (1).
بلى لم يكونوا إلا ستة نفر، والحق أمامهم أجلى من أن يواريه السحاب، واحتجاج علي عليه السلام عليهم بأحقانيته من غيره في هذا الأمر حجة عليهم في إناطة الحق بأهله، بيد أن تلك الجماعة المعدودة لم تصدق الأمانة، فمال البعض منهم لضغنه، والآخر لصهره، فضاع الحق بين هذه الجماعة القليلة، وظلم علي عليه السلام وهو صاحب الحق.. فكيف بالأمة أجمع وفيها من فيها كما ذكرنا؟! بل ورأينا صحابي من كبار هؤلاء الصحابة، وهو عبد الرحمن بن عوف يأكله الندم على ميله لعثمان وتقليده إياه خلافة المسلمين، فيعرض عنه وينافره بعد أن اضطربت الدولة الاسلامية من أقصاها إلى أدناها بفساد الأمويين وتهتكهم تحت مظلة خليفة المسلمين، فماذا بعد ذلك؟ وهل يعقل أن يرتضي الله تبارك وتعالى لرسالته هذا الضياع والتلاعب، والفوضى والاضطراب؟! إنه مجرد تساؤل.
إذن - وبعيدا عن المعاندة للحق - لم يبق سوى الافتراض الثالث من أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد أوصى لأحد المسلمين بأن يكون خليفته فيهم، ووصيه عليهم، وعلى الأمة أن تسمع له وتطيع، لأنه الامتداد الحقيقي لصاحب الرسالة، عدا كونه غير نبي.
ثم لا يخفى عليك أن عظم الأهمية المترتبة على هذا المنصب تظهر بوضوح تعلق صدوره عن الله تبارك وتعالى، لا سيما والقرآن الكريم يحدثنا أن هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وآله مرهونة كل أقواله وأفعاله بالمشيئة