أصل الشيعة وأصولها - الشيخ كاشف الغطاء - الصفحة ٢٧
الأمر خلاف العقل والمنطق، ولا يذهب إليه أحد، فتأمل واستقرء ما غبر من الدهور، بل وما نعاينه في أيامنا هذه، فهل تجد إلا ما قلناه؟.
ثم إذا كان ذلك في شؤون الإمارات والممالك والدول، فكيف لو تعلق الأمر بالأديان السماوية، بل وبآخرها وأعظمها، وبأوسعها نظاما وتشريعا؟! وحيث يتعلق الأمر بالخالق تبارك وتعالى، وبرسوله الكريم صلى الله عليه وآله، الذي ما أرسل إلا رحمة للعالمين.. فهل يريد من يخالف ذلك أن ينسب التفريط بهذا الأمر الذي لم يفرط به ملوك الدنيا وحكامها إلى الله تبارك وتعالى، وذلك لا يذهب إليه أحد إلا من كان أعمى القلب معدوم البصيرة، أو إلى رسوله الكريم صلى الله عليه وآله، وذلك ليس بمعهود منه، حيث تحدثنا جميع المراجع التأريخية المختلفة أنه لم يغادر المدينة يوما إلا واستناب فيها من يخلفه (1) يلحق بذلك أيضا وصاياه

(1) بلى إن المراجعة البسيطة لسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله في استخلاف من ينوب عنه حين تركه لعاصمة الدولة الاسلامية، حتى ولو قصر مدى السفر وقلت أيامه - كما في غزوة أحد التي لم تبعد عن المدينة إلا ميلا واحدا، ولم يستغرق بعده عنها إلا يوما واحدا فقط، بل وفي غزوة الخندق التي كانت في المدينة عينها - تدل دلالة واضحة على استحالة وقوع التفريط منه في ترك هذه الأمة دون راعي أو خليفة ينوب عنه، لا سيما ونحن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يفاجأ بموته كما معروف لدى الجميع، وأنه صلى الله عليه وآله يدرك بوضوح ما يحيط أمته من المخاطر الجسيمة التي تتحين بها الفرص والغفلات؟!
نعم، فإنا عندما نتأمل ذلك نجد أن افتراض عدم الاستخلاف من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله خلاف ما عهد من سيرته المباركة - مضافا إلى خلافه الصريح مع المنطق والعقل - وذلك ما يتبين عند المراجعة البسيطة لكتب السيرة والتأريخ المختلفة:
1 - فعندما أذن له صلى الله عليه وآله بقتال المشركين في السنة الثانية من الهجرة، وخرج مع جماعة من المسلمين للتعرض لعير قريش، استخلف على المدينة سعد بن عبادة خليفة عنه.
2 - وفي تلك السنة أيضا، وعند خروجه صلى الله عليه وآله في غزوة بواط، استخلف عنه سعد بن معاذ.
3 - واستخلف زيد بن حارثة عند خروجه صلى الله عليه وآله في طلب كرز بن جابر الفهري الذي أغار على المدينة.
4 - ثم استخلف صلى الله عليه وآله أبا سلمة المخزومي عندما خرج في غزوة العشير.
5 - وفي غزوة بدر الكبرى كان ابن أم مكتوم خليفة عنه صلى الله عليه وآله في المدينة.
6 - وعند ما خرج صلى الله عليه وآله في غزوة بني القينقاع استخلف أبا لبابة الأنصاري.
7 - وأعاد صلى الله عليه وآله استخلاف أبي لبابة عند خروجه في غزوة السويق.
8 - وأما عندما خرج صلى الله عليه وآله إلى سليم وغطفان في السنة الثالثة من الهجرة، فإنه استخلف عنه ابن أم مكتوم.
9 - وفي غزوة بفران كان خليفته صلى الله عليه وآله في المدينة ابن أم مكتوم أيضا.
10 - وأما عثمان بن عفان فقد استخلفه صلى الله عليه وآله عند خروجه في غزوة ذي أمر.
11 - واستخلف صلى الله عليه وآله ابن أم مكتوم عند خروجه إلى أحد.
12 - وأعاد صلى الله عليه وآله استخلاف ابن أم مكتوم عندما خرج إلى غزوة حمراء الأسد.
13 - واستخلفه أيضا عند خروجه صلى الله عليه وآله في غزوة بني النضير.
14 - وعند خروجه صلى الله عليه وآله إلى غزوة بدر الثالثة كان خليفة في المدينة عبد الله بن رواحة الأنصاري.
15 - وفي غزوة ذات الرقاع استخلف صلى الله عليه وآله عثمان بن عفان في المدينة.
16 - وأما في غزوة دومة الجندل فقد استخلف صلى الله عليه وآله ابن أم مكتوم في المدينة.
17 - وفي غزوة بني المصطلق كان زيد بن حارثة خليفة عنه صلى الله عليه وآله في المدينة.
18 - وعند ما قاتل صلى الله عليه وآله الأحزاب، وفي المدينة عينها، استخلف ابن أم مكتوم أيضا خليفة عنه.
19 - وكان أبورهم الغفاري خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة بني قريضة.
20 - وفي غزوة بني لحيان كان ابن أم مكتوم خليفة عنه صلى الله عليه وآله.
21 - وأعاد صلى الله عليه وآله استخلاف ابن أم مكتوم عند خروجه في غزوة ذي قرد.
22 - وكان ابن أم مكتوم أيضا خليفة عن رسول الله صلى الله عليه وآله عند خروجه في غزوة الحديبية.
23 - وفي غزوة خيبر استخلف صلى الله عليه وآله عنه في المدينة سباع بن عرفطة.
24 - وأعاد صلى الله عليه وآله استخلافه عند خروجه في عمرة القضاء.
25 - وأما عند خروجه صلى الله عليه وآله في فتح مكة فإنه استخلف أبا رهم الغفاري في المدينة.
26 - ولما خرج صلى الله عليه وآله في غزوة حنين كان أبورهم خليفته في المدينة أيضا.
27 - وأما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقد خليفة عنه صلى الله عليه وآله في المدينة عند خروجه إلى تبوك.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 24 25 26 27 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الاهداء 5
2 مقدمة التحقيق 7
3 متن الكتاب 113
4 مقدمة الطبعة الثانية 115
5 مقدمة الطبعة السابعة 129
6 مدخل الطبعة الأولى 137
7 مناقشة الدكتور أحمد أمين في تقولاته 139
8 الشيعة من الصحابة 144
9 الشيعة من التابعين 149
10 مؤسسو علم النحو من الشيعة 152
11 مؤسسو علم التفسير من الشيعة 152
12 مؤسسو علم الحديث من الشيعة 152
13 مؤسسو علم الكلام من الشيعة 153
14 مؤسسو علم السير والآثار من الشيعة 154
15 مؤرخو الشيعة 154
16 شعراء الشيعة 155
17 الملوك والامراء والوزراء والكتاب الشيعة 159
18 الحديث عن الرجعة 167
19 الجنة لمن أطاع والنار لمن عصى 168
20 فرق الغلاة المنقرضة 172
21 الحديث عن عبد الله بن سبأ 179
22 نشأة التشيع 184
23 عقائد الشيعة أصولا وفروعا 210
24 وظائف العقل 218
25 التوحيد 219
26 النبوة 220
27 الإمامة 221
28 العدل 229
29 المعاد 232
30 وظيفة القلب والجسد 232
31 تمهيد وتوطئة 233
32 الصلاة 239
33 الصوم 242
34 الزكاة 243
35 الزكاة الفطرة 244
36 الخمس 245
37 الحج 247
38 الجهاد 249
39 الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 251
40 المعاملات 252
41 عقود النكاح 253
42 نكاح المتعة 253
43 الطلاق 278
44 الخلع والمباراة 286
45 الظهار والايلاء واللعان 287
46 الفرائض والمواريث 288
47 الوقوف والهبات والصدقات 291
48 القضاء والحكم 293
49 الصيد والذباحة 296
50 ظريفة 298
51 الأطعمة والأشربة 299
52 الحدود 303
53 حد الزنا 303
54 حد اللواط والسحق 304
55 حد القذف 304
56 حد المسكر 305
57 حد المحارب 306
58 حدود مختلفة 306
59 القصاص والديات 309
60 الخاتمة 313
61 البداء 313
62 التقية 315
63 ملحقات الكتاب 321