وقد ضاعت هذه الفلسفة الشرعية على إخواننا من علماء السنة، فلم يشترطوا حضور العدلين، فاتسعت دائرة الطلاق عندهم، وعظمت المصيبة فيه، وقد غفل الكثير منا ومنهم عن تلك الحكم العالية، والمقاصد السامية، في أحكام الشريعة الاسلامية، والأسرار الاجتماعية، التي لو عمل المسلمون بها لأخذوا بالسعادة من جميع أطرافها، ولما وقعوا في هذا الشقاء التعيس، والعيش الخسيس، واختلال النظام العائلي في أكثر البيوت.
ومن أهم شرائط الطلاق أيضا: أن لا يكون الزوج مكرها ومتهيجا، أو في حال غضب وانزعاج، وأن تكون الزوجة طاهرة من الحيض، وفي طهر لم يواقعها فيه.
وقد اتفقت الإمامية أيضا على أن طلاق الثلاث واحدة، فلو طلقها ثلاثا لم تحرم عليه، ويجوز له مراجعتها، ولا تحتاج إلى محلل. نعم، لو راجعها ثم طلقها وهكذا ثلاثا حرمت عليه في الطلاق الثالث، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، ولو طلقها ثم راجعها تسع مرات مع تخلل المحلل حرمت عليه في التاسعة حرمة مؤبدة.
وقد خالف في طلاق الثلاث الأكثر من علماء السنة، فجعلوا قول الزوج لزوجته: أنت طالق (ثلاثا) يوجب تحريمها، ولا تحل إلا بالمحلل، مع أنه قد ورد في الصحاح عندهم ما هو صريح في أن الثلاث واحدة، مثل ما في البخاري بسنده عن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول الله وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم. فأمضاه عليهم (1).