معاوية بن أبي سفيان، وحاله لا يخفى على أحد، وبغضه لبيت رسول الله صلى الله عليه وآله لا يحتاج إلى توضيح هي أول من تصدى لتمزيق أشلاء المجتمع الاسلامي الواحد، ثم اقتفى الخلف من بعد آثار السلف، وامتطى العباسيون قفى الأحداث، مثيرين النقع قبالة الحقائق الثابتة بأحقانية أهل البيت عليهم السلام، مرددين عين الترهات التي ما انفك الأمويون عن ترديدها والتلاعب بمفرداتها، ومستثمرين حالات الصراع الفكري الذي بدأت تتبلور أبعاده في نشوء المدارس الكلامية المتعددة، تزامنا مع توسع الرقعة الجغرافية للدولة الاسلامية، وتأثر الكثير من تلك المدارس بالأطروحات الفلسفية والفكرية لتلك الشعوب الحديثة الاسلام، والتي تمتلك بلا شك جملة خاصة من الأفكار البعيدة الغور، والواسعة المدى، فحدثت - وذلك أمر متوقع - العديد من حالات التأثر الفكري والعقائدي عند بعض المدارس الكلامية الاسلامية التي أفرزتها تلك الظروف الغريبة عن حياة المسلمين، فاستثمرتها السياسة الحاكمة ترويجا لموقفها المعاند لمدرسة أهل البيت عليهم السلام، وإقحاما لمتكلمي الشيعة في مخاضات الجدل والمناظرة والتي سجل لنا التأريخ امتلاك هؤلاء المتكلمين المتخرجين من تلك المدرسة المباركة التي تستقي علومها من دوحة النبوة المعطاءة لزمام المحاجة والمجادلة، فلم يمتلك أولئك المنكسرين ما يرد لكبريائهم الممرغ في وحل العجز بعض معالمه إلا اجترار ما ازدرته نفوس المسلمين العقلاء من الكذب الرخيص والافتراء الباهت.
نعم لا شئ جديد يمكن للمرء أن يعده محفلا للبحث والتباري الفكري والعقائدي، بل هو - وكما ذكرنا - اجترار مقيت، وتكرار ممل، وإن تكلف البعض أن يضفي عليه طابعا عصريا مموها لبضاعة السابقين، ولكن الأصل أجلى من أن يخفيه أن تزويق، وأي تمويه. والأنكى من ذلك أن