ولو قال هناك: المغاير للصفة المذكورة وتابع المبتدأ، وقال ههنا: المسند بعد دخولها الذي كان في الأصل خبر المبتدأ، وفي اسم " ما " هو المسند إليه الذي كان في الأصل مبتدأ، سلم من الاعتراض.
قوله: " وأمره " أي حاله وشأنه كأمر خبر المبتدأ، أي في أقسامه من كونه مفردا وجملة، وفي أحكامه من كونه متحدا، ومتعددا، ومثبتا (1)، ومحذوفا، وغير ذلك، وفي شرائطه من أنه إذا كان جملة فلا بد من الضمير، ولا يحذف إلا إذا علم.
قوله " إلا في تقديمه " أي ليس أمره كأمر خبر المبتدأ في تقديمه فإنه لا يجوز تقديمه على اسم " إن "، وقد جاز تقديم الخبر على المبتدأ، وإنما ذلك لان هذه الحروف فروع على الفعل في العمل، كما يجئ في بابها، فأريد أن يكون عملها فرعيا أيضا، والعمل الفرعي للفعل: أن يتقدم المنصوب على المرفوع، والأصلي أن يتقدم المرفوع على المنصوب، كما عرفت في باب الفاعل عند قوله: والأصلي أن يلي فعله، فلما أعملت العمل لفرعيتها لم يتصرف في معموليها بتقديم ثانيهما على الأول، كما تصرف في معمولي الفعل، لنقصانها عن درجة الفعل، وقد يخالف خبرها خبر المبتدأ في غير ما ذكر أيضا، وذلك أن خبرها لا يكون مفردا متضمنا ما له صدر الكلام، كما يجئ في قسم الحروف.
قوله " إلا أن يكون ظرفا "، استثناء من قوله " في تقديمه " الذي كان منفيا لكونه مستثنى من الموجب، فيكون المستثنى الثاني موجبا لكونه من منفى، أي ليس أمره كأمر خبر المبتدأ في تقديمه إلا إذا كان ظرفا، فإن حكمه، إذن، حكمه في جواز التقديم إذا كان الاسم معرفة، نحو قوله تعالى: " إن إلينا إيابهم، ثم إن علينا حسابهم " (2)، وفي وجوبه إذا كان الاسم نكرة، نحو: إن من البيان لسحرا، وإنما جاز تقديم الخبر ظرفا لتوسعهم في الظروف ما لا يتوسع في غيرها، لان كل شئ من المحدثات لا بد أن يكون في زمان أو مكان، فصارت مع كل شئ كقريبه ولم تكن أجنبية منه، فدخلت حيث لا يدخل