بل يحتاج في نصب بعض العمد، وهي اسم ان، وأخواتها، واسم لا التبرئة، وخبر كان وأخواتها، وخبر ما الحجازية، إلى تشبيهها بالفضلة، فيقول، إن " إن " وأخواتها، لما شابهت الفعل المتعدي، كما يجئ في بابها، علمت رفعا ونصبا مثله، ولم يقدم الرفع على النصب، كما قدم في " ما " الحجازية، لان معنى " ما " ومعنى الفعل الذي يعمل عمله، أعني ليس، شئ واحد، فكان ترتيب معموليها كترتيب معمولي " ليس "، أعني تقديم المرفوع على المنصوب، تطبيقا للفظ بالمعنى.
وأما " إن " فليست بمعنى الفعل المتعدي على السواء، بل معناها يشبه معناه من وجه، وكذا لفظها لفظه، والمشابهة قوية، كما يجئ في بابها، فأعطيت عمل الفعل في حال قوته، وهو إذا تصرف في معموله بتقديم النصب على الرفع.
وعند الكوفيين، إن خبر " إن " وأخواتها، وكذا خبر " لا " التبرئة، مرفوع بما ارتفع به حين كان خبر المبتدأ، لا بالحروف، لضعفها عن عملين.
ومذهب البصريين أولى، لان اقتضاءها للجزأين على السواء، فالأولى أن تعمل فيهما، ولا سيما مع مشابهة قوية بالفعل المتعدي.
قوله: " بعد دخول هذه الحروف "، يخرج خبر المبتدأ وكل ما كان أصله ذلك سوى خبر هذه الحروف، لكن دخل فيه غير المحدود، فإن نحو " حسنا " في قولك: إن رجلا حسنا غلامه في الدار، مسند إلى " غلامه " بعد دخول " إن "، وليس بخبرها، وكذا يرد على حد خبر " لا " التبرئة نحو: لا رجل حسنا غلامه في الدار، وكذا يرد على حد اسم " ما " و " لا " المشبهتين بليس، نحو: ما زيد الظريف غلامه في الدار، فإن " غلامه " مسند إليه، مع أنه ليس باسم " ما "، وكذا يرد على حده لخبر المبتدأ بقوله: المجرد المسند إلى آخره.. صفة المبتدأ في نحو قوله تعالى: " ولعبد مؤمن خير " (1).