شرح الرضي على الكافية - رضي الدين الأستراباذي - ج ١ - الصفحة ٢٥٤
واعلم أن " اليوم " إذا وقع خبرا عن لفظي الجمعة والسبت جاز نصبه على ضعفه، لكونهما في الأصل مصدرين، فمعنى: اليوم الجمعة أو السبت: أي الاجتماع، أو السكون، والأولى رفعه لغلبة الجمعة والسبت في معنى اليومين.
ولا يجوز نصب " اليوم " خبرا عن الأحد، والاثنين، إذ هما بمعنى اليومين، واليوم لا يكون في اليوم، وأجازه الفراء، وهشام (1)، وذلك لتأويلهما اليوم بالآن، كما يقال:
أنا اليوم، أفعل كذا، أي الان.
فمعنى: اليوم الأحد، أي الان الأحد، والآن أعم من الأحد فيصح أن يكون ظرفه.
هذا، ولنذكر طرفا مما يتعلق بخبر المبتدأ، إذا كان مفردا. فنقول: هو إما مشتق أو جامد، وكلاهما إما أن يغاير المبتدأ لفظا، أو، لا.
والأول: إما أن يتحد به معنى، نحو: زيد أخوك، وزيد قائم، أو يغايره معنى أيضا، والمغاير، يقع خبرا عنه إما لمساواته في معنى كقوله تعالى: " وأزواجه أمهاتهم " (2)، أو لحذف المضاف من المبتدأ، أو الخبر نحو: داري منك فرسخان، أي بعد داري فرسخان، أو داري منك ذات مسافة فرسخين، أو لكون واحد من المبتدأ والخبر معنى والاخر عينا. ولزوم ذلك المعنى لتلك العين حتى صار كأنه هي، كقول الخنساء:
69 - ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت * فإنما هي إقبال وإدبار (3)

(1) المراد به هشام بن معاوية ويقال له هشام الضرير وهو من متقدمي الكوفيين وتقدم ذكره في هذا الجزء ص 63.
أما الفراء فقد تكرر ذكره كثيرا (2) الآية من سورة الأحزاب وتقدمت قبل ذلك.
(3) من قصيدة لها في رثاء أخيها صخر، أولها:
قذى بعينك أم بالعين عوار * أم أقفرت إذ خلت من أهلها الدار وبيت الشاهد في وصف ناقة شبهت بها نفسها. فان قبله فما عجول على بو تطيف به * قد ساعدتها على التحنان أظآر وبعده: لا تسمن الدهر في أرض وإن رتعت * وإنما هي تحنان وتسجار يوما بأوجد مني حين فارقني * صخر وللدهر إحلاء وامرار
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست