وطلب الأول للمفعولية فالواجب حذف المفعول. وافق البصريون ههنا الكسائي في حذف المفعول بخلاف الفاعل، لان الحذف هناك أيضا، كان الوجه، للزوم الاضمار قبل الذكر إلا أنه تعذر، لان الفاعل لا يحذف، وفي المفعول: هذا المانع مرتفع لأنه فضلة يحذف في السعة، فكيف مع مثل هذا المحوج، أي الاضمار قبل الذكر، قوله:
" إن استغنيت عنه " في مثل ضربت وأكرمني زيد، لا تقول: ضربته وأكرمني زيد.
وقال المالكي (1): يجوز ذلك على قلة.
قوله: " والا أظهرت " يعني إن لم تستغن عن المفعول أظهرت، وذلك لكونه أحد مفعولي باب " عملت " مع ذكر الاخر، فإنه لا يجوز حذفه على ما هو المشهور عندهم، وذلك لكون مضمون الفعلين هو المفعول الحقيقي، لان المعلوم في قولك علمت زيدا قائما: مصدر المفعول الثاني مضافا إلى الأول، أي علمت قيام زيد، بخلاف مفعولي " أعطيت " فإن كل واحد منهما مفعول به، إذ زيد في قولك أعطيت زيدا درهما:
معطي، وكذا الدرهم، ولا يجوز، أيضا إضماره لكونه إضمارا قبل الذكر في المفعول لا في الفاعل، فلم يبق بعد تعذر الحذف والاضمار، إلا الاظهار.
واعترض على هذا بأنه يجوز في السعة وإن كان قليلا، حذف أحد مفعولي باب علمت عند قيام القرينة، لان كل واحد منهما في الظاهر منصوب برأسه، ظاهر في المفعولية، كمفعولي أعطيت.
وقد جاء ذلك في القرآن والشعر، قال الله تعالى: " ولا يحسبن الذين يبخلون بما