الثاني للمفعول: على أن المختار إضمار المفعول في الثاني، كان خلو الثاني عن الضمير في قوله تعالى: " هاؤم اقرؤوا كتابيه " (1)، وقوله تعالى " آتوني أفرغ عليه قطرا " (2)، دليلا للبصريين على أن المختار إعمال الثاني، وإلا كان أفصح الكلام أي القرآن، على غير المختار، أي على حذف المفعول من الثاني عند إعمال الأول.
قوله: " إلا أن يمنع مانع فتظهر "، على المختار، وذلك إذا كان ذلك المفعول أحد مفعولي باب علمت ويلزم من إضماره مطابقا للمعود إليه مخالفة بينه وبين المفعول الأول في الافراد أو التثنية أو الجمع، أو التذكير أو التأنيث، نحو: حسبني وحسبتهما منطلقين الزيدان منطلقا. قال المصنف، لم يجز حذف منطلقين، لكونه ثاني مفعولي حسبت، ولا اضماره لأنك لو أضمرته مثني ليطابق المفعول الأول، إذ هما مبتدأ وخبر في الأصل وتطابقهما في الافراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث واجب، لخالف المعود إليه، وهو منطلقا، ولو أضمرته مفردا ليطابق المرجوع إليه لخالف المفعول الأول، فلما امتنع الحذف والاضمار، وجب إظهاره.
هذا كلامه، والكلام على عدم جواز حذف أحد مفعولي حسبت، قد سبق، ولو سلم له لم يسلم وجوب المطابقة بين الضمير والمعود إليه، إذا لم تلبس المخالفة بينهما، قال تعالى: " وإن كانت واحدة " (3) وقبله: " فإن كن نساء " (3)، والضمير للأولاد.
فالاضمار قد يأتي على المعنى المقصود، فيجوز: حسبني وحسبتهما إياهما الزيدان منطلقا، وان كان المعود إليه مفردا. مراعاة للمسند إليه وكذا نقول: حسبت وحسباني إياه الزيدين قائمين، وحسبت وحسبتني إياه هندا قائمة، وحسبتني وحسبتها إياها هند قائما.
وفي كل هذا، القبح حاصل لفصل الأجنبي بين العامل والمعمول، وفي بعضها بين المبتدا والخبر في الأصل.