وذهب ابن جني (1)، إلى أن قياس " أخر " لما تجرد من اللام والإضافة أن يستعمل بمن، ويفرد لفظه في جميع الأحوال، فاخر، في قولك بنسوة أخر، معدول عن:
آخر من...
ويلزم على هذا القول أن يكون: آخران، وآخران، وأواخر، وأخرى وأخريات، معدولات، أيضا، عن: آخر من.. الا أن أخرى وأواخر غنيان عن اعتبار العدل بألف التأنيث والجمعية، والمثنى والمجموع بالواو والنون لا يتبين فيهما حكم منع الصرف في موضع، نحو: أحمران وأجمعون كما مر، وأما أخريات فاستعمالها باللام والإضافة كما هو الأصل، ولو لم يكن أيضا يبن فيه أثر منع الصرف لكونه كعرفات.
هذا، وفي ادعاء كون ألفاظ المؤنث والمثنيين والمجموعين، معدولة عن لفظ الواحد المذكر: بعد، فالأولى ألا يدعى كون أخر وتصاريفه معدولة عن أحد لوازم أفعل التفضيل على التعيين، بل نقول هي معدولة عما كان حقها ولازمها في الأصل، أعني أحد الأشياء الثلاثة مطلقا.
وانما عدل عنه لتعريه عن معنى أفعل التفضيل الذي هو المستلزم لاحدها كما يجئ في باب أفعل التفضيل، وذلك لأنه صار بمعنى " غير " كما ذكرنا، فعلى هذا لا يفسر العدل بما فسره به المصنف، أعني خروجه عن صيغته الأصلية، بل نقول العدل اخراج اللفظ، كما ذكرنا (2)، عما الأصل أن يكون معه من الصيغة، أو استلزام كلمة أخرى، فيدخل فيه سحر وأمس، ونحو: ضحى، وعشية، ومساء، وبكر، معينات، لان الأصل في تخصيص اللفظ المطلق بشئ معين مما كان يقع عليه وضعا أن يكون باللام والإضافة.
ويدخل فيه الغايات أيضا نحو قبل وبعد، لقطعهما عن المضاف إليه الذي كان يقتضيه