(ه) وفى حديث عمر " هاجروا ولا تهجروا " أي أخلصوا الهجرة لله، ولا تتشبهوا بالمهاجرين على غير صحة منكم. يقال: تهجر وتمهجر، إذا تشبه بالمهاجرين.
وقد تكرر ذكر هذه الكلمة في الحديث، اسما وفعلا، ومفردا وجمعا.
(س) وفيه " لا هجرة بعد ثلاث " يريد به الهجر ضد الوصل. يعنى فيما يكون بين المسلمين من عتب وموجدة، أو تقصير يقع في حقوق العشرة والصحبة، دون ما كان من ذلك في جانب الدين، فإن هجرة أهل الأهواء والبدع دائمة على مر الأوقات، ما لم تظهر منهم التوبة والرجوع إلى الحق، فإنه صلى الله عليه وسلم لما خاف على كعب بن مالك وأصحابه النفاق حين تخلفوا عن غزوة تبوك أمر بهجرانهم خمسين يوما. وقد هجر نساءه شهرا، وهجرت عائشة ابن الزبير مدة. وهجر جماعة من الصحابة جماعة منهم وماتوا متهاجرين. ولعل أحد الامرين منسوخ بالآخر.
(ه) ومنه الحديث " من الناس من لا يذكر الله إلا مهاجرا " يريد هجران القلب وترك الاخلاص في الذكر. فكأن قلبه مهاجر للسانه غير مواصل له.
* ومنه حديث أبي الدرداء " ولا يسمعون القرآن إلا هجرا (1) " يريد الترك له والاعراض عنه. يقال: هجرت الشئ هجرا (2) إذا تركته وأغفلته.
ورواه ابن قتيبة في كتابه " ولا يسمعون القول إلا هجرا " بالضم. وقال: هو الخنا والقبيح من القول.
قال الخطابي: هذا غلط في الرواية والمعنى، فإن الصحيح من الرواية " ولا يسمعون القرآن ".
ومن رواه " القول " فإنما أراد به القرآن، فتوهم أنه أراد به قول الناس. والقرآن ليس من الخنا والقبيح من القول.
(ه) وفيه " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا " أي فحشا.
يقال: أهجر في منطقه يهجر إهجارا، إذا أفحش. وكذلك إذا أكثر الكلام فيما لا ينبغي.
والاسم: الهجر، بالضم. وهجر يهجر هجرا (3)، بالفتح، إذا خلط في كلامه، وإذا هذى.