بالماء فهذا مسح وهو غسل والواجب على من أجنب أن يغتسل بالماء ولو أنه ترك عضوا من أعضائه لم يغسله ثم ذكره فمسحه بندى يده حتى يعمه أجزأ ذلك عنه وكان مغتسلا فلما كان المسح قد يكون غسلا ووقعت الرؤوس في التلاوة بالمسح عليها ثم جاءت الأرجل بعد كأن المسح بها هو غسلها.
وأما الوضوء مما مست النار فهو غسل اليد والفم بعد الفراغ من الطعام لينظفا ويطيب ريحهما وكان أكثر الأعراب لا يغسلون أيديهم ويقولون فقده أشد من ريحه فأدبنا نبينا صلى الله عليه وسلم بغسل اليد مما مست النار يريد الأطبخة والشواء وقد جرى الناس بعد في كل مصر وكل ناحية على الوضوء من الزهم وأن يقولوا إذا غسلوا أيديهم قبل أن يطعموا توضأنا يريدون نظفنا أيدينا من الزهم لنطعم بها وإذا غسلوا أيديهم وأفواههم بعد الطعام توضأنا يريدون نظفناها من الزهم وأمطناه عنها ومن توضأ مما غيرت النار فغسل وجهه ورجليه فإنما وقع غلطه في ذلك من جهة وضوئه للصلاة لأنه لما رأى وضوء الصلاة على هيئته ظن أن كل وضوء أمر به على تلك الهيئة والوضوء في اللغة على ما أعلمتك قد يكون للعضو الواحد ويدلك على ذلك حديث حدثنيه محمد بن عبد العزيز عن ابن الأصبهاني عن أبي عبيدة الناجي عن الحسن أنه قال:
" الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللمم " فسمي غسل اليد وضوءا وحدثني أبو حاتم قال أخبرنا الأصمعي عن أبي هلال عن قتادة أنه قال: " غسل اليد وضوء " ويوضح هذا أيضا حديث عكراش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل ثم غسل يديه ومسح ببلل يديه وجهه وذراعيه ورأسه وقال هكذا الوضوء مما مست النار وكذلك الوضوء من مس الذكر والفرج والدبر هو غسل اليد لأن هذه مخارج الحدث والبول والدم وطرق النجاسات وكان أكثر المسلمين في صدر الإسلام يستنجون بالأحجار ولا يغسلون الفروج بالماء ومن مس من هذه المواضع شيئا