وقال أبو محمد في حديث عمر رضي الله عنه، إن نائلا قال:
سافرت مع مولاي عثمان بن عفان وعمر في حج أو عمرة، فكان عمر وعثمان وابن عمر لفا، وكنت أنا وابن البير في شببة معنا لفا، فكنا نتمازح ونترامى بالحنظل. فما يزيدنا عمر على أن يقول: كذاك لا تذعروا علينا. فقلنا لرباح ابن المغترف: لو نصبت نصب العرب، فقال مع عمر قلنا افعل، فإن نهاك عنه فانته.
ففعل، فما قال له عمر شيئا، حتى إذا كان في وجه السحر فأداه، يا رباح أكفف، فإنها، فإنا ساعة ذكر.
يرويه عبيد الله بن محمد عن عمر بن عثمان التيمي عن عثمان بن نائل عن أبيه.
قوله: كان عمر وعثمان وابن عمر لفا، أي حزبا وفرقة، وهو من الالتفاف مأخوذ. كأنهم حين اجتمعوا وانفردوا قطعة واحدة التفوا في ذلك الاجتماع.
وذكر أبو عبيدة، ان ألفافا في كتاب الله تعالى جمع لف وقال غيره هو جمع لف. ولف جمع ألف، كأنه جمع الجمع.
وقول عمر كذلك لا تذعروا علينا، يريد: لا تنفروا إبلنا، فحذف الإبل استخفافا.
وقوله: كذاك، أي: حسبكم، ومنه قول أبي بكر، للنبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وهو يدعو: " يا نبي الله كذاك، فإنه سينجز لك ما وعدك ".
وشبيه به قولهم: إليك، أي: تنح، قال القطامي وذكر امرأة استضافها: " من الطويل " تقول وقد قربت كوري وناقتي * إليك، فلا تذعر علي ركائبي وتشببة، جمع شاب، مثل كاتب وكتبة، وكاذب وكذبة، وقولهم: لو نصبت لنا نصب العرب، أي غنيتنا غناء العرب، وهو غناء لهم يشبه الحداء، غير أنه أرق منه.