رضعها. وهذا إن كان من امرأة فعلته. يريد به يحرم ولدها على ولد الميتة، أو من صبي خلا بميتة فرضعها. وسئل عذلك عمر.
فإن هذا التفسير له وجه، وإلا فإنا لا نعلم أحدا يرضع ولده بلبن ميتة.
وفيه وجه آخر، وهو أن الله جل وعز حرام النكاح بالرضاع فقال: " وأمهاتكهم اللاتي أرضعنكم، وأخواتكم من الرضاعة ".
والرضاع أن يمتص الصبي من الثدي، فإذا فصل اللبن من الثدي فأوجره الصبي أو أدم له به، أو ديف له في الدواء أو سقيه أو سعط به لم يكن رضاعا، ولكنه يحرم به ما يحرم بالرضاع، لان اللبن لا يموت، أي: لا يبطل عمله بمفارقته الثدي. ومعناه: قول الفقهاء، السعوط والوجور يحرمان ما يحرمه الرضاع. وشبيه به وان لم يكن له كل معناه قولهم: " الشعر لا يموت ". " والصوف لا يموت ".
وذلك يكون في موضعين: أحدهما، مجمع عليه. والآخر، مختلف فيه.
فاما المجمع عليه، فالصوف والشعر، إن أخذا من الحي، فإنهما لا يموتان بمفارقة الحي كما يموت اللحم والجلد ان قطعا منه، ولكنه يحل اغتزالهما ولبسهما، والصلاة فيهما وعليهما.
وأما المختلف فيه، فالشعر والصوف، يؤخذان من الميتة، يقول بعض الفقهاء: انهما ميتان. ويقول بعضهم: ليسا بميتين.
وسمعت بعض أصحاب القياس يقول: إن اللبن إن أخذ من ميتة لم يحرم، وقال: كل شئ أخذ من الحي فلم يحرم. فإنه إن أخذ من الميت لم يحرم.
وقال أبو محمد في حديث عمر رضي الله عنه إنه قال: من حظ المرء نفاق أيمه وموضع حقه.
يرويه وكيع عن مبار ك بن فضالة عن الحسن.
الأيم: المرأة لا زوج لها، بكرا كانت أو ثيبا. وكذلك الرجل إذا لم تكن له امرأة فهو أيم. يقال في مثل: " الحرب مايمة " أي: يقتل فيها الرجال فتبقى النساء بلا أزواج.