الواقعة هي أوائل كتاب " المقاتل ".
وبعد أن اقترف حكام الجور من الأمويين تلك الجريمة النكراء، بذلوا قصارى جهودهم في إخفاء معالمها، ففرضوا على رواة الحديث ونقلة الوقائع أن لا يفوهوا إلا بمدح الظالمين ودعم سلطانهم الغاشم، وأن يحذروا بيان نقاط ضعفهم وكشف خياناتهم وفضح جرائمهم، كيما يحولوا دون تمهيد الأرضية للإنتفاضات المرتقبة وهذه هي شيمة سلاطين الجور على مر العصور وتعاقب الدهور.
وعقيب سقوط الدولة الأموية أمكن تدوين وإشاعة ملحمة عاشوراء والملاحم الاخرى التي سبقت وتلت أحداث سنة 61 ه. إلا أن تمادي العباسيين في ظلمهم، من قبيل:
ما تكرر من جعجعتهم بالإمام الصادق (عليه السلام) إلى قصور الطواغيت، واستشهاد الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) في غياهب السجون، وتغريب الإمام الرضا (عليه السلام) في خراسان، أدى بأجمعه إلى إخفاء الحقائق وطمس معالم الجريمة من جديد، إذ خنقوا جميع الكلمات الحرة وقتلوها في مهدها، من قبيل: ما حدث لابن السكيت إذ استأصلوا له لسانه (1) وقطعوا أنامل المؤرخين كما قطعوا يد من يروم زيارة قبر أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) (2)، حتى لم يبق بأيدينا حاليا من جميع تلك الحقائق وسيرة المعصومين (عليهم السلام) وآثارهم، على الخصوص المقاتل منها سوى أسماءها وأسماء مؤلفيها في كتب الفهارس.
فقد ذكر المرحوم الحاج آقا بزرك الطهراني تحت عنوان " مقتل " ستة موارد باسم " المقتل "، وتسعة وخمسين موردا باسم " مقتل أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) "، وثلاثة موارد باسم " مقتل الحسين (عليه السلام) "، وأربعة وعشرين موردا باسم " مقتل أمير المؤمنين (عليه السلام) "، كما ذكر مقاتل اخرى أيضا باسم " مقتل الحسن بن على (عليهما السلام) "، و " مقتل على بن الحسين (عليهما السلام) "، و " مقتل العباس ابن أمير المؤمنين (عليهما السلام) "، و " مقتل زيد الشهيد "، و " مقتل أولاد مسلم "، و " مقتل حجر بن عدي "، وغيرها (3).
وأول مقتل للإمام الحسين (عليه السلام) صنفه " أصبغ بن نباتة المجاشعي " وهو من خواص