قلت: والله لقد نسيت الكلام من ساعتي وقد كنت صدقت، فأمر بحبسي ودفن الرضا (عليه السلام)، فحبست سنة، فضاق علي الحبس، وسهرت الليلة ودعوت الله تبارك وتعالى بدعاء ذكرت فيه محمد وآل محمد - صلوات الله عليهم - وسألت الله بحقهم أن يفرج عني، فما استتم دعائي حتى دخل علي أبو جعفر محمد بن على (عليهما السلام)، فقال لي: يا أبا الصلت ضاق صدرك؟ فقلت: إي والله، قال: قم فأخرجني ثم ضرب بيده إلى القيود التي كانت على ففكها، وأخذ بيدي وأخرجني من الدار، والحرسة والغلمان يرونني فلم يستطيعوا أن يكلموني وخرجت من باب الدار، ثم قال لي:
إمض في ودائع الله، فإنك لن تصل إليه ولا يصل إليك أبدا فقال أبو الصلت: فلم ألتق المأمون إلى هذا الوقت. (1) [338] - 3 - وقال أيضا:
حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني محمد بن يحيى، قال: حدثني محمد بن خلف الطاطري، قال: حدثني هرثمة بن أعين قال:
كنت ليلة بين يدي المأمون حتى مضى من الليل أربع ساعات، ثم أذن لي في الانصراف، فانصرفت، فلما مضى من الليل نصفه قرع قارع الباب، فأجابه بعض غلماني فقال له: قل لهرثمة أجب سيدك، قال: فقمت مسرعا وأخذت على أثوابي وأسرعت إلى سيدي الرضا (عليه السلام)، فدخل الغلام بين يدي ودخلت وراءه، فإذا أنا بسيدي (عليه السلام) في صحن داره جالس، فقال لي: يا هرثمة، فقلت: لبيك يا مولاي، فقال لي: إجلس فجلست، فقال لي: إسمع وعه يا هرثمة، هذا أوان رحيلي إلى الله تعالى