قم فإن في الخزانة تابوتا، فدخلت الخزانة فوجدت تابوتا لم أره قط فأتيته به فاخذ الرضا (عليه السلام) بعدما صلى عليه، فوضعه في التابوت وصف قدميه وصلى ركعتين لم يفرغ منهما حتى علا التابوت وانشق السقف، فخرج منه التابوت ومضى.
فقلت: يا بن رسول الله! الساعة يجيئنا المأمون ويطالبنا بالرضا (عليه السلام)، فما نصنع؟
فقال لي: أسكت فإنه سيعود يا أبا الصلت، ما من نبي يموت بالمشرق ويموت وصيه بالمغرب إلا جمع الله بين أرواحهما وأجسادهما، وما أتم الحديث حتى انشق السقف ونزل التابوت فقام (عليه السلام)، فاستخرج الرضا (عليه السلام) من التابوت ووضعه على فراشه كأنه لم يغسل ولم يكفن. ثم قال لي: يا أبا الصلت قم فافتح الباب للمأمون، ففتحت الباب، فإذا المأمون والغلمان بالباب، فدخل باكيا حزينا قد شق جيبه ولطم رأسه وهو يقول:
يا سيداه فجعت بك يا سيدي، ثم دخل فجلس عند رأسه، وقال: خذوا في تجهيزه فأمر بحفر القبر، فحفرت الموضع فظهر كل شيء على ما وصفه الرضا (عليه السلام)، فقال له بعض جلسائه: ألست تزعم أنه إمام؟ فقال: بلى لا يكون الإمام إلا مقدم الناس، فأمر أن يحفر له في القبلة، فقلت له: أمرني أن يحفر له سبع مراقي وأن أشق له ضريحا، فقال: إنتهوا إلى ما يأمر به أبو الصلت سوى الضريح، ولكن يحفر له ويلحد، فلما رأى ما ظهر له من النداوة والحيتان وغير ذلك.
قال المأمون: لم يزل الرضا (عليه السلام) يرينا عجائبه في حياته حتى أراناها بعد وفاته أيضا، فقال له وزير كان معه: أتدري ما أخبرك به الرضا (عليه السلام)؟ قال: إنه قد أخبرك أن ملككم يا بني العباس مع كثرتكم وطول مدتكم مثل هذه الحيتان حتى إذا فنيت آجالكم وانقطعت آثاركم وذهبت دولتكم سلط الله تعالى عليكم رجلا منا فأفناكم عن آخركم، قال له: صدقت، ثم قال لي يا أبا الصلت علمني الكلام الذي تكلمت به.